الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

إرشادات لمن ترددت بين أكثر من خاطب

444682

تاريخ النشر : 15-03-2023

المشاهدات : 1976

السؤال

تقدم لي خاطبان كلاهما من أهل الدين والأخلاق، ولكن أحدهما يشترط عدم إكمال الدراسة ، والثاني مقيم في بلاد الغرب ولا مانع عنده من إكمال دراستي، فماذا تنصحونني؟

الجواب

الحمد لله.

الأخت الكريمة!

يصعب علينا في مثل هذه الاستشارات عن بعد أن نرشدك إلى الزوج المناسب دون أن يكون لنا معرفة بالرجلين.

لكن نرشدك إلى معالم قد تعينك في اختيار الزوج المناسب بإذن الله تعالى، وقد يكون أحدهما وقد يكون غيرهما.

بداية من المعلوم أن من أهم مقاصد الزواج هو بناء أسرة مسلمة يسودها جو الإيمان والتقوى والتعاون على الخير والتناهي عن المنكر، وتسودها المودة والرحمة.

قال الله تعالى:

( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم (21).

وحتى تتحقق هذه الأمور ينبغي على المرأة، مع ملازمة الدعاء واللجوء إلى الله تعالى في طلب التوفيق والرشد، أن تراعي في اختيار زوجها أمورا:

الأمر الأول: أن تختاري من يكون أحسن دينا وتقى.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ ) رواه البخاري (5090) ومسلم (1466).

قال أبو العباس القرطبي رحمه الله تعالى:

" و(قوله: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها) أي: هذه الأربع الخصال هي المرغِّبة في نكاح المرأة. وهي التي يقصدها الرجال من النساء. فهو خبر عما في الوجود من ذلك، لا أنه أمر بذلك. وظاهره إباحة النكاح؛ لقصد مجموع هذه الخصال أو لواحدة منها، لكن قصد الدين أولى وأهم؛ ولذلك قال: (فاظفر بذات الدين تربت يمينك) " انتهى. "المفهم" (4 / 215).

والمرأة شقيقة الرجل، فالأصل أن ما يؤمر به الرجل من الخير فالمرأة مأمورة به أيضا.

وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 459) وابن ماجه (2028) وغيرهما: عن عَلِيّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، وَعَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّهُمَا كَتَبَا إِلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ يَسْأَلَانِهَا عَنْ أَمْرِهَا، فَكَتَبَتْ إِلَيْهِمَا:

( إِنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، فَتَهَيَّأَتْ تَطْلُبُ الْخَيْرَ، فَمَرَّ بِهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، فَقَالَ: قَدْ أَسْرَعْتِ، اعْتَدِّي آخِرَ الْأَجَلَيْنِ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي!

قَالَ: وَفِيمَ ذَاكَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ.

فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتِ زَوْجًا صَالِحًا فَتَزَوَّجِي ).

وهذا إسناد رواته ثقات.

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" وإسناده صحيح على شرط مسلم " انتهى. "السلسلة الصحيحة" (6 / 494).

الأمر الثاني: أن يكون الزواج في بلد ومجتمع مسلم أولى من الزواج في بلد يعمه الكفر والفسوق؛ إلا إن كانت هناك حاجة ملحة.

راجعي للفائدة جواب السؤال رقم (131586).

الأمر الثالث: أن لا يُكتَفى بالسؤال عن حال الخاطب بين الناس، فكثير من الرجال تختلف معاملته للناس في الشارع عن معاملته لأهل بيته، فعلى المرأة أن تحرص على معرفة حال الخاطب مع أسرته وأقاربه فهذا الخلق هو الذي سيعامل به الزوجة عادة.

وكذا معرفة قدرته على الإنفاق على زوجته وأولاده.

روى الإمام مسلم (1480) عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ... فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ... فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ... قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ) فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: ( انْكِحِي أُسَامَةَ )، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ ).

وفي رواية له: ( إِنَّ مُعَاوِيَةَ تَرِبٌ، خَفِيفُ الْحَالِ، وَأَبُو الْجَهْمِ مِنْهُ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ - أَوْ يَضْرِبُ النِّسَاءَ، أَوْ نَحْوَ هَذَا -، وَلَكِنْ عَلَيْكِ بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ).

الأمر الرابع: أن تُحَلّ جميع مسائل الخلاف قبل عقد الزواج، فيكون كل واحد من الزوجين على بينّة من أمره، فليس من الحكمة أن يعقد النكاح والخلاف قائم، فهذا سيسرع النزاع والشقاق والطلاق.

فلذا ما دمت حريصة جدا على الدراسة الجامعية، فإذا وقع اختيارك على الأول  فعليك أن تحلي معه هذه المسألة قبل العقد ولو بالإتفاق على تغيير التخصص ونحو هذا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب