الحمد لله.
أولاً :
من السنَّة أن يسوِّي الإمام الصفوف بنفسه ، وأن يأمر المأمومين بتسوية الصفوف ، وقد تنوعت العبارات الواردة في السنَّة ، وكلها تأمر المأمومين بتسوية الصفوف ، وتحذرهم من مخالفة ذلك ، ومما ورد : " أقيموا صفوفكم وتراصوا " ، " سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة " ، " سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة " ، " أقيموا الصف في الصلاة فإن إقامة الصف من حسن الصلاة " ، " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم " ، " أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخَلل " ، وغير ذلك من الألفاظ .
ولا حاجة لشيء من هذه الألفاظ وغيرها إذا كان الإمام قد رأى الصفَّ مستوياً .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
لكن لو التفت – يعني الإمام – ووجد الصف مستقيماً متراصاً ، والناس متساوون في أماكنهم ، فالظاهر أنه لا يقول لهم استووا ، لأنه أمر قد حصل إلا أن يريد اثبتوا على ذلك ؛ لأن هذه الكلمات لها معناها ، ليست كلمات تقال هكذا بلا فائدة ...
" أسئلة الباب المفتوح " ( رقم 62 ) .
ولا نعلم في السنة الصحيحة شيئاً يأمر الإمام به المصلين فيما يتعلق بصلاتهم من حيث الخشوع وتوجيه القلوب إلى الله والصلاة كأنها صلاة مودِّع وما أشبه هذا ، فمداومة الإمام على ذلك يُخشى أن يدخل في باب البدعة ، ولا بأس أن يقول مثل هذا التذكير لكن أحياناً دون الاستمرار عليه والالتزام به في كل صلاة .
ولفظة " وجهوا قلوبكم إلى الله " لم نجد لها أصلاً ، وأما لفظة " صلِّ صلاة مودِّع " فقد صحَّت عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنها وصية عامة ، ولا تعلق لها بما يقوله الإمام قبل تكبيرة الإحرام .
عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ، فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ، وَأَجْمِعْ الْيَأْسَ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ " .
رواه ابن ماجه ( 4171 )، وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 401 ) .
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صل صلاة مودع كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك وأيس مما في أيدي الناس تعش غنيا وإياك وما يعتذر منه " .
رواه البيهقي في " الزهد الكبير " ( 2 / 210 ) . وهو صحيح بشواهده كما قاله الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1914 ).
تعليق