الحمد لله.
أولاً :
الحجر الأسود هو : الحجر المنصوب في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة المشرفة من الخارج في غطاء من الفضة وهو مبدأ الطواف ويرتفع عن الأرض الآن متراً ونصف المتر .
وما ذُكر في المقال الوارد ضمن السؤال فيه حق عليه أدلة صحيحة ، وفيه ما لا أصل له .
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم ( 1902 ) أكثر ما ورد في السنة الصحيحة عن " الحجر الأسود " ، ومنه : أن الحجر الأسود أنزله الله تعالى إلى الأرض من الجنة ، وكان أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم ، وأنه يأتي يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق ، وأن استلامه أو تقبيله أو الإشارة إليه : هو أول ما يفعله من أراد الطواف سواء كان حاجا أو معتمراً أو متطوعاً ، وقد قبَّله النبي صلى الله عليه وسلم ، وتبعه على ذلك أمته ، فإن عجز عن تقبيله فيستلمه بيده أو بشيء ويقبل هذا الشيء ، فإن عجز : أشار إليه بيده وكبَّر ، ومسح الحجر مما يكفِّر الله تعالى به الخطايا .
ثانياً :
وأما بخصوص سرقة القرامطة للحجر الأسود له ومكثه عندهم فترة كبيرة : فصحيح .
قال ابن كثير – في حوادث 278 هـ - :
وفيها تحركت القرامطة ، وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادشت ومزدك ، وكانا يبيحان المحرمات .
ثم هم بعد ذلك أتباع كل ناعق إلى باطل ، وأكثر ما يفسدون من جهة الرافضة ويدخلون إلى الباطل من جهتهم ؛ لأنهم أقل الناس عقولاً ، ويقال لهم : الإسماعيلية ؛ لانتسابهم إلى إسماعيل الأعرج بن جعفر الصادق .
ويقال لهم : القرامطة ، قيل : نسبة إلى قرمط بن الأشعث البقار ، وقيل : إن رئيسهم كان في أول دعوته يأمر من اتبعه بخمسين صلاة في كل يوم وليلة ليشغلهم بذلك عما يريد تدبيره من المكيدة ...
والمقصود : أن هذه الطائفة تحركت في هذه السنة ، ثم استفحل أمرهم وتفاقم الحال بهم - كما سنذكره - حتى آل بهم الحال إلى أن دخلوا المسجد الحرام فسفكوا دم الحجيج في وسط المسجد حول الكعبة وكسروا الحجر الأسود واقتلعوه من موضعه ، وذهبوا به إلى بلادهم في سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، ثم لم يزل عندهم إلى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، فمكث غائباً عن موضعه من البيت ثنتين وعشرين سنة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
" البداية والنهاية " ( 11 / 72 ، 73 ) .
ثالثاً :
وأما ما ذكر من وصف الحجر الأسود بأنه موضع سكب العبرات ، فقد ورد في ذلك حديث عند ابن ماجه (2945) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلًا ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَبْكِي ، فَقَالَ : ( يَا عُمَرُ ، هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ ) . ولكنه حديث ضعيف ذكره الألباني في "إرواء الغليل" (1111) وقال: ضعيف جدا اهـ .
وأما حديث " الحجر الأسود يمين الله في الأرض " فالجواب عنه : أنه حديث باطل لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " : " هذا حديث لا يصح " .
" العلل لابن الجوزي " ( 2 / 575 ) ، وانظر " تلخيص العلل " للذهبي ( ص 191 ) ، وقال ابن العربي :حديث باطل فلا يلتفت إليه ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت ، وعلى هذا فلا حاجة للخوض في معناه " .
" مجموع الفتاوى " ( 6 / 397 ) .
وأما ما ذكرت من وصف الحجر الأسود بأنه موضع سكب العبرات ، فقد ورد في ذلك حديث عند ابن ماجة ولكنه حديث ضعيف لا يصح .
رابعاً :
وأما ما ذُكر من وصف الحجر الأسود بأنه " يطفو على الماء " ، وأنه " لا يحمو بالنار " و " استجابة الدعاء " : فمما لا أصل له في السنَّة .
والله أعلم .
تعليق