الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل من السنة الأخذ باللحية عند الهمّ؟

458189

تاريخ النشر : 19-06-2023

المشاهدات : 3000

السؤال

هل من السنة الإمساك باللحية مطلقا، أو إذا هم المرء شيئا مهما؛ لما جاء في الحديث، عن عائشة أم المؤمنين: " أنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا همَّه شيءٌ أخَذ بلحيتِه، هكذا وقبَض ابنُ مُسهِرٍ على لِحيتِه" ابن حبان (ت ٣٥٤)، "صحيح ابن حبان (٦٤٣٩) أخرجه في صحيحه؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

هذا الخبر رواه ابن حبان كما في "الإحسان" (14/350)، حيث قال:

‌‌" ذِكْرُ الْعَلَامَةِ الَّتِي بِهَا كَانَ يُعْلَمُ اهْتِمَامُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ ".

ثم روى عن عَلِيّ بْن مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا ‌هَمَّهُ ‌شَيْءٌ ‌أَخَذَ ‌بِلِحْيَتِهِ هَكَذَا، وَقَبَضَ ابْنُ مُسْهِرٍ عَلَى لِحْيَتِهِ ).

ورواه الإمام أحمد في "المسند" (42/ 26 – 30)، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ - ابن هارون -، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ، قَالَتْ: ( ... كَانَ إِذَا وَجِدَ، فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ ).

وهذا إسناد فيه ضعف، فمحمد بن عمرو صدوق، لكن والده عمرو بن علقمة: مجهول.

لكن له طريق آخر، رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" (155): عن عَبْد اللَّهِ بْن إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَدَّ وَجْدُهُ أَكْثَرَ مَسَّ لِحْيَتِهِ ).

ويحيى بن عبد الرحمن ثقة.

ولذا حسنه الشيخ شعيب في تعليقه على "الإحسان".

وحسنه لغيره الشيخ الألباني، كما في "التعليقات الحسان" (9/186).

ثانيا:

والأخذ باللحية عند الهمّ أو الحزن: لا يظهر منه قصد تشريع، ولا عبادة، بل هو أقرب إلى الأفعال "الجبليَة"، أو "الاعتيادية"؛ وعادات الناس في ذلك تتفاوت، فمنهم من يفتل شاربه، إن كان له شارب.

ومن ذلك ما رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (78) والطبراني في "المعجم الكبير" (54) عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه، إِذَا غَضِبَ ‌فَتَلَ ‌شَارِبَهُ" وصححه الألباني في "آداب الزفاف".

فلو كان في الأخذ باللحية موضعُ تأسٍّ، لكان أولى الناس به عمر رضي الله عنه؛ فإذا لم يفعله عمر، بل ولا ورد عن غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه تقصد فعل ذلك، أو عمد إلى التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأخذ بلحيته إذا غضب، أو حزِن؛ دلك على أن ذلك الأمر لم يكن موضع أسوة لهم، فليس هو موضع أسوة لمن بعدهم؛ وإنما هو من أفعال الطبائع والجبلات، التي لا يشرع التسنن بآحادها، ولا تقصد التعبد بمشابهة النبي صلى الله عليه وسلم فيها، وإنما هي في نطاق الجائزات، والمباحات.

سُئل الشيخ عبد الرحمن البراك:

" مِن أقسام الأفعال النَّبويَّة: العاديّة، أو الجبليَّة، وهو الفعلُ الذي تقتضيه الجبّلة البشريَّة، كالأكل، والنَّوم، والمشي، وأنَّه كان صلَّى الله عليه وسلَّم يأكلُ الرّطب بالبطيخ، ويلبس الثّياب القُطْرِيِّة، فهل فعل ذلك جائز أو مندوب؟

فأجاب:

فموافقة الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم في الأمور العادية والجبليَّة جائز، ولا يُتعبَّد به، لكنه حسنٌ، وشاهدُ ذلك حديث أنس رضي الله عنه قال: ( رأيتُ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يتتبَّعُ الدُّبَّا مِن حوالي القَصْعة )، قال: ( فَلمْ أزلْ أحبُّ الدُّبَّاءَ مِن يومئذ ) .

وفِعلُه صلَّى الله عليه وسلَّم لهذه الأمور يُستدلُّ به على الإباحة، لا على المشروعيَّة. والله أعلم " انتهى من: "موقع الشيخ".

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب