الحمد لله.
أولا:
من باع سيارة ثم ظهر فيها عيب قديم لم يحدث بعد الشراء، كالعطل الذي ذكرت في دورة التبريد، فللمشتري خيار العيب، وهو فسخ البيع، أو المضي فيه مع أخذ أرش العيب [والأرش : هو التعويض المالي مقابل العيب]، ما لم يكن البائع قد اشترط البراءة من كل عيب لا يعلمه، فإن هذا الشرط صحيح على الراجح، وبه يسقط خيار العيب للمشتري.
قال في "كشاف القناع" (3/218): "فصل فيمن اشترى مَعيبا لم يعلم حال العقد عيبه، ثم علم بعيبه): فله الخيار، سواء علم (البائع) بعيبه (فكتمه) عن المشتري، (أو لم يعلم) البائع بعيبه، (أو حدث به) أي بالمبيع (عيب بعد عقد، وقبل قبض، فيما ضمانه على بائع، كمكيل وموزون ومعدود ومذروع) بيع بذلك، (و) كـ (ثمر على شجر، ونحوه) كمبيع بصفة أو رؤية متقدمة: (خُير) المشتري (بين رده)، استدراكا لما فاته، وإزالة لما يلحقه من الضرر في بقائه في ملكه ناقصا عن حقه ... (وبين إمساك) المبيع (مع أرش) العيب، (ولو لم يتعذر الرد، رضي البائع) بدفع الأرش (أو سخط) به؛ لأن المتبايعين تراضيا على أن العوض في مقابلة المعوض ، فكل جزء من العوض يقابله جزء من المعوض ، ومع العيب فات جزء منه، فيرجع ببدله وهو الأرش" انتهى.
وعلم بهذا أن خيار العيب يثبت سواء علم البائع بالعيب أم لا، وسواء فحص المشتري أم لا، فمتى اكتشف العيب، كان له الخيار.
إلا إذا تم البيع مع شرط البراءة من كل عيب خفي لا يعلمه البائع.
وينظر: جواب السؤال رقم: (112105).
والظاهر من سؤالك أنك لم تبع مع شرط البراءة من العيب.
وعليه، فكان للمشتري الخيار.
ثانيا:
إذا قام المشتري بإصلاح العيب، ثم طالب بكلفته، فلأهل العلم في ذلك قولان:
الأول: أنه لا يلزمك ذلك، وكان عليه أن يفعل ما ذكرنا من فسخ البيع، أو مطالبتك بالأرش- أي إخبارك أنه سيأخذ السيارة مع عيبها بشرط دفعك الفرق-؛ لأن تصرفه في السيارة بالركوب والإصلاح يدل على رضاه بالعيب، فيسقط الأرش.
والثاني: أن الأرش لا يسقط بتصرفه هذا، وهي رواية عن أحمد، صوبها في الإنصاف.
قال في "كشاف القناع" (3/223): "(أو تصرف) المشتري في المبيع بعد علمه بالعيب (بما يدل على الرضا) بالعيب ... كاستعمال، (ولم يختر) المشتري (الإمساك) مع الأرش (قبل تصرفه) المذكور (فلا أرش له) للعيب؛ لأنه قد رضي بالمبيع ناقصا فسقط حقه من الأرش (كرد) أي كما أنه لا رد له.
(وعن الإمام أحمد : له الأرش، كإمساك)؛ أي كما لو كان اختار إمساكه قبل تصرفه.
(قال في الرعاية الكبرى والفروع: وهو أظهر)؛ لأنه وإن دل على الرضا، فمع الأرش، كإمساكه. (وقال في القاعدة العاشرة بعد المائة: هذا قول ابن عقيل، وقال) في القاعدة المذكورة (عن القول الأول: فيه بُعد. قال الموفق: قياس المذهب أن له الأرش بكل حال). قال في التلخيص: وذهب إليه بعض أصحابنا. (وصوبه في الإنصاف). قال في الشرح والفائق: ونص عليه في الهبة والبيع" انتهى.
والقول بلزوم الأرش في هذه الحالة قول قوي، لأن المشتري لا علاقة له بالعيب، وقد دفع ثمنا لسيارة صالحة غير معيبة، فإذا ظهر فيها عيب فلابد من تعويضه عنه.
وعليه؛ فيلزمك دفع ما تكلفه في إصلاح هذا العيب.
والله أعلم.
تعليق