الحمد لله.
أولا:
تقدم بيان الخلاف في مضاعفة الصلاة في حرم مكة، وينظر: جواب السؤال رقم: (124812).
ثانيا:
لم نقف على ما يفيد أن من بنى مسجدا، كان له مثل أجر من صلى فيه، ولم نقف على قائل بذلك.
وقد جاء في فضل بناء المسجد: قول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ رواه البخاري (450)، ومسلم (533) من حديث عثمان رضي الله عنه.
وروى ابن ماجه (738) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ، أوْ أَصْغَرَ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ صححهما الألباني.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (5/ 14): "يحتمل قوله صلى الله عليه وسلم: "مثله" أمرين:
أحدهما: أن يكون معناه بنى الله تعالى له مثله في مسمى البيت، وأما صفته في السعة وغيرها، فمعلوم فضلها: أنها مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
الثاني: أن معناه أن فضله على بيوت الجنة، كفضل المسجد على بيوت الدنيا" انتهى.
فإن بني مسجدا ثم صار يؤذن فيه، كان له أجر من صلى معه؛ لما روى النسائي (646) وأحمد (18506) عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ، وَالْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ بِمَدِّ صَوْتِهِ وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ.
والحديث مختلف في صحة هذه الجملة منه، صححها الألباني في "صحيح النسائي"، وضعفها شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
لكن يشهد له أن الدال على الخير كفاعله، وأن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجر من تبعه.
وقد استنبط ابن حبان ذلك من حديث: (مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ)، وبوب عليه: ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يَكُونُ لَهُ كَأَجْرِ مَنْ صَلَّى بِأَذَانِهِ، ثم ساق الحديث.
وقال السندي في حاشية المسند: "قوله: "من صلى معه": سواءٌ كان إماماً أو مقتدياً بإمام؛ إذ المقتديان بإمام مصليان معاً.
والمراد: أن من حضر بأذانه، فله أجره بسبب الدلالة" انتهى.
ولا يبعد أن ينال هذا الفضل من عيّن للمسجد مؤذنا وأعانه على معيشته.
والله أعلم.
تعليق