الحمد لله.
أولا:
يجوز بيع السلعة بالوصف المنضبط القاطع للنزاع، وللمشتري الخيار إن جاءته السلعة مخالفة للوصف، ويسمى خيار الخُلف في الصفة، أي بسبب الخُلف في الصفة، فيخير المشتري بين الفسخ أو الإمساك بلا أرش، أي بلا تعويض؛ إلا إن تعذر الرد لهلاك السلعة مثلا، فيستحق المشتري عوضا عن الوصف المفقود.
قال ابن قدامة رحمه الله: " فأما إن وجده بخلاف الصفة فله الخيار، ويسمى خيار الخلف في الصفة؛ لأنه وجد الموصوف بخلاف الصفة، فلم يلزمه كالسلم.
وإن اختلفا، فقال البائع: لم تختلف الصفة. وقال المشتري: قد اختلفت. فالقول قول المشتري؛ لأن الأصل براءة ذمته من الثمن، فلا يلزمه، ما لم يقر به، أو يثبت ببينة، أو ما يقوم مقامها" انتهى من "المغني" (3/496).
وفي "تكملة المجموع" (12/ 334): " إذا ظهر الخلف في الصفة المشترطة، وقد تقدم فسخ العقد بهلاك أو حدوث عيب، فله أخذ الأرش على التفصيل الذي تقدم، قاله صاحب التتمة" انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (20/162): " إذا تحقق فوات الوصف المشروط - كما سبق - وكان مستوفيا الشرائط، ثبت للمشتري الخيار.
وماهية هذا الخيار أن يكون له حق رد المبيع، أو أخذه بجميع الثمن دون أرش للوصف الفائت.
هذا، إذا لم يمتنع الرد، فإن امتنع الرد بسبب من الأسباب، رجع المشتري على البائع بحصة الوصف الفائت من الثمن؛ وذلك بأن يُقوَّم المبيع موصوفا بذلك الوصف، وغيرَ متصف به؛ ويُرْجَع بالتفاوت" انتهى.
ثانيا:
إذا اعتمدت على الصفة التي ذُكرت لك عند شراء الساعات، ولم تتعمد الإخبار بصفة لا وجود لها، فلا إثم عليك، لكن هذا لا يمنع حق المشتري في ذمتك، ولا يسقط خياره، على ما مضى ذكره.
ثالثا:
إذا أمكنك مراسلة المشترين، وإعلامهم بحقيقة الأمر وأنك لم تقصد الغش أو التدليس وأن لهم الخيار، أو تعرض عليهم تعويضا عن الوصف المفقود، فافعل، فإن من المشترين من يقف على الصفة المفقودة، لكنه لا يرجع إلى البائع، ليأسه من الإنصاف والتعويض لا سيما لو مرت مدة على الشراء.
فإن يئست من الوصول إليهم، فالأفضل أن تتصدق عنهم بما يقابل الصفة المفقودة من الثمن.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع، فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن، ويقول: اللهم عن رب الجارية فإن قبل فذاك وإن لم يقبل فهو لي وعلي له مثله يوم القيامة.
وكذلك أفتى بعض التابعين من غل من الغنيمة وتاب بعد تفرقهم أن يتصدق بذلك عنهم، ورضي بهذه الفتيا الصحابة والتابعون الذين بلغتهم كمعاوية وغيره من أهل الشام" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/321).
والله أعلم.
تعليق