الحمد لله.
يكره الإفراط في الحلف ؛ لقول الله تعالى : ( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ ) القلم/10 ، وفي هذا إشارة لذم الذي يكثر من الحلف ، فاحرصي على عدم الإكثار من الحلف تعظيما لجناب الله تعالى ، وحفظا ليمينك .
واعلمي أن كثرة الحلف في كل قليلٍ وكثير يؤدي إلى إضعاف قيمة اليمين عند الناس ، ولا يُؤْمَنُ بسبب ذلك إقدامه على اليمين الكاذبة ، وهو منافٍ لكمال تعظيم الله تعالى .
أما الأيمان التي حلفتها فتحتمل أحد أمرين :
الأول : إن كنت تقصدين بالأيمان التي أقسمتها أو ببعضها اليمين نفسه ، أي كنت تقصدين يمينا منعقدة ، فعليكِ كفارة يمين ، واليمين المنعقدة هي التي يحلفها الشخص على أمر من المستقبل أن يفعله أو لا يفعله .
الثاني : أن يكون هذا من غير قصد منك لليمين ، فهو من لغو اليمين ، وقد اختلف العلماء في تحديد لغو اليمين على أقوال ، والأقرب أن لغو اليمين يشمل ما يلي :
1- ما يجري على لسان المتكلم بلا قصد كقول الرجل في معرض كلامه ، لا والله لن أذهب ، بلى والله سأذهب ، وهو قول الشافعية الحنابلة .
2- اليمين التي عقدها يظن صدق نفسه فيبين بخلافه ، كما ذهب إلى ذلك الحنابلة .
3- ألحق شيخ الإسلام بلغو اليمين ما إذا كان الحالف يعتقد أن المحلوف عليه لا يخالفه فخالفه ، وكذلك لا يحنث إذا حلف على غيره ليفعلنه بقصد الإكرام لا بقصد الإلزام ، قال : لأنه كالأمر ولا يجب الأمر إذا فهم منه الإكرام ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر بالوقوف في الصف ولم يقف . انظر مجوعة الرسائل الفقهية للشيخ خالد المشيقح ص 234
وبناء على ما سبق ، فإن كانت أيمانك كلها أو بعضها من اليمين المنعقدة فيلزمك كفارة يمين ، وهل يلزمك كفارة واحدة أو عدة كفارات ؟ هذا يختلف باختلاف المحلوف عليه ، فإن حلفت أيمانا على شيء واحد ، فتلزمكِ كفارة واحدة ، أما إن حلفت أيمانا على عدة أمور ، كأن تقول : والله لا آكل اليوم ، والله لا أشرب اليوم ، والله لا أسافر اليوم ، فتلزمكِ كفارة في كل أمر من الأمور السابقة إن فعلتها ، فلو أكلت وشربت وسافرت ، لزمتك ثلاث كفارات ، وإن حلفت يمينا واحدة على عدة أشياء ، كأن تقولي : والله لا آكل ، ولا أشرب ، ولا أسافر ، فتلزمك كفارة واحدة بفعل واحد من الأمور السابقة أو كلها . المرجع السابق ص 266
أما إن كانت أيمانك كلها أو بعضها من لغو اليمين ، فقد نص جمهور العلماء على أن لغو اليمين لا كفارة فيه لقوله تعالى : ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) البقرة/225 ، والله أعلم
تعليق