الحمد لله.
أولا:
إذا مات الميت فإن تركته تنتقل إلى ورثته جبرا عليهم، فيلزم تقسيمها، ما لم يرض الورثة بتأخير التقسيم.
ثانيا:
إذا سمح الورثة بسكن أحدهم في الملك المشترك، دون مطالبة بأجرة، فهذا تنازل عن حقهم، يحرم الرجوع فيه؛ لتحريم الرجوع الهبة، إلا أن يكون في الورثة غير بالغين أو غير راشدين، فإنّ تبرعهم لا يصح، فلا يسقط حقهم من الأجرة على قدر نصيبهم.
ومعلوم أن أخاكم له نصيب لا يبلغ شقة كاملة، فما زاد عن نصيبه تلزمه أجرته لو كان الورثة جميعا غير بالغين أو راشدين، فإن كان بعضهم كذلك، فلهم نصيبهم من الأجرة، ولا عبرة برضاهم أو رضى الولي القائم عليهم.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (42/122): "اشترط الفقهاء في الواهب أن يكون من أهل التبرع، وذلك بأن يكون عاقلا بالغا رشيدا، وأن يكون مالكا للشيء الموهوب" انتهى.
وفيها (45/162): " لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: (لا ضرر ولا ضرار).
وقد فرَّعوا على ذلك: أن ما لا حظ للمحجور فيه، كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق والمحاباة في المعاوضة: لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به، أو ما زاد في النفقة على المعروف أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض فكان ضررا محضا" انتهى.
ثالثا:
إذا بنى أحد الورثة أو أحدث شيئا في البناء المشترك، فإن كان برضى الورثة، فله قيمته قائما.
قال شُريح: "من بنى في أرض قوم بإذنهم: فله قيمة بنائه" رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 494)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/91).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَنْ رَجُلٍ تُوُفِّيَ وَخَلَّفَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ، وَمِلْكًا، وَكَانَ فِيهِمْ وَلَدٌ كَبِيرٌ، وَقَدْ هَدَمَ بَعْضَ الْمِلْكِ، وَأَنْشَأَ، وَتَزَوَّجَ فِيهِ، وَرُزِقَ فِيهِ أَوْلَادًا، وَالْوَرَثَةُ بَطَّالُونَ، فَلَمَّا طَلَبُوا الْقِسْمَةَ قَصَدَ هَدْمَ الْبِنَاءِ؟
فَأَجَابَ:" أَمَّا الْعَرْصَةُ [وهي الأرض الخلاء]: فَحَقُّهُمْ فِيهَا بَاقٍ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ: فَإِنْ كَانَ بَنَاهُ كُلَّهُ مِنْ مَالِهِ دُونَ الْأَوَّلِ: فَلَهُ أَخْذُهُ؛ وَلَكِنْ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَعَادَهُ بِالْإِرْثِ الْأَوَّلِ فَهِيَ لَهُمْ " انتهى " مجموع الفتاوى" (30/50).
وقال في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (17/ 110): "لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ فِي الْأَرْضِ بِقَوْلِ الْأَبِ لِابْنِهِ: ابْنِ فِيهَا دَارًا .... فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ فَلَا يَخْتَصُّ الِابْنُ بِالْأَرْضِ، وَيُشَارِكُهُ فِيهَا الْوَرَثَةُ، وَلِلِابْنِ قِيمَةُ بِنَائِهِ " انتهى بتصرف يسير.
وحيث إن أخاك قام ببعض الإصلاحات والديكورات، فإن هذه الأمور تقوّم، كما هي الآن، بسعر اليوم، ويأخذ قيمتها من ثمن البيت، ثم يقسم الباقي القسمة الشرعية.
فإذا قدّر أن ثمن البيت مليون، مثلا، وقال أهل الخبرة: إن هذه الديكورات قيمتها الآن، على وضعها الحالي: 50 ألفا مثلا، فإن أخاك يأخذ هذه الخمسين، ثم تقسم 950 ألفا على جميع الورثة القسمة الشرعية.
مع مراعاة ما ذكرناه سابقا من الأجرة التي تلزمه عن الشقة التي سكنها، أو أغلقها لحاجته، طيلة المدة السابقة، فينظر كم له، وكم عليه، ثم يحصل المقاصة بينهما.
وينبغي أن تحرصوا على الألفة والمودة، وأن تراعوا الرحم، وأن تحذروا ما ينافي ذلك.
والله أعلم.
تعليق