الحمد لله.
أولا :
من اقترف شيئا من الذنوب والخطايا، ثم تاب واستقام وحسنت توبته: فإن الله تعالى يغفر له ذنبه ويمحو عنه ، كأنه لم يكن، روى ابن ماجة (3427) عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ وحسنه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجة" .
وعلى هذا ، فلا ينبغي النظر في ماضي هذا الشخص ، وإنما ينظر إلى حاله الآن ، فإن كان مستقيما وصاحب دين وخلق فإنه يصلح أن يكون زوجا لك ، بعد استشارة أهلك ، واستخارة الله تعالى.
غير أننا ننصحك بألا تكتفي بما ظهر لك منه من أخلاقه، فإن اللقاءات التي تكون بينكما قبل الزواج، ربما لا تعكس صورة صادقة وكاملة لأخلاقه وأحواله؛ وإنما على وليك أن يسعى جاهدا في تعرف أحواله من الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه، سواء في بلدكم، إن كان يقيم فيه مدة طويلة، أم في بلد غربته، إذا أمكن أن يتحسس أحواله وسلوكه هناك؛ فإن كانت أموره على السداد والاستقامة، لا سيما في زمنه الحاضر، فنرجو أن يكون أمره على خيره ، ويحمل حاله الآن على السلامة ، وعسى الله أن يتوب عليه فيما فات ، ويعينه على الاستقامة فيما هو آت.
ثانيا :
أما علاقته بهذا الولد ، فإنه لا يلزمه تجاهه شيء ، لأنه ليس ابنا له في النسب ، فلا يلزمه القيام بتربيته ولا النفقة عليه ولا يكون محرما لبناته ... ولا شيء من أحكام البنوة .
قال ابن حزم رحمه الله : "وَوَلَدُ الزِّنَى يَرِثُ أُمَّهُ، وَتَرِثُهُ أُمُّهُ، وَلَهَا عَلَيْهِ حَقُّ الْأُمُومِيَّةِ مِنْ: الْبِرِّ، وَالنَّفَقَةِ، وَالتَّحْرِيمِ، وَسَائِرِ حُكْمِ الْأُمَّهَاتِ -.
وَلَا يَرِثُهُ الَّذِي تَخَلَّقَ مِنْ نُطْفَتِهِ، وَلَا يَرِثُهُ هُوَ، وَلَا لَهُ عَلَيْهِ حَقُّ الْأُبُوَّةِ لَا فِي بِرٍّ، وَلَا فِي نَفَقَةٍ، وَلَا فِي تَحْرِيمٍ، وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْهُ أَجْنَبِيٌّ.
وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا؛ إلَّا فِي التَّحْرِيمِ فَقَطْ" انتهى من "المحلى" (8/334).
أي: يحرم على هذا الولد أن يتزوج من بنات والده من الزنى ، ولكنه ليس محرما لهن.
إلا أن بعض العلماء يقول - وهو قول قوي- : إن الزاني إذا استلحق ابنه من الزنى: فإنه يلحقه ويثبت نسبه له، وتثبت الأحكام المتعلقة على النسب من وجوب النفقة عليه وتربيته والمحرمية وغير ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وإن استلحق ولده من الزنا، ولا فراش: لحقه، وهو مذهب الحسن وابن سيرين والنخعي وإسحاق" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/508).
وقوله: "ولا فراش": يعني: أن أمه ليست زوجة لرجل آخر، سوى الزاني.
وقد سبق بيان هذه المسألة بالتفصيل في جواب السؤال رقم: (192131).
ويقوى العمل بهذا القول: إذا كان بإمكانه أن يضم حضانة هذا الولد إليه، ويجعله على دين الإسلام، ويستنقذه من أمه النصرانية، ودينها، وأخلاقها.
والحاصل : أن هذا الرجل إذا لم يستلحق هذا الولد ولم ينسبه إليه ، فلا يلزمه تجاهه شيء، ولا يكون ابنا له.
وإن استلحقه فهو ابنه يلزمه النفقة عليه، والقيام على تربيته ويكون محرما لك ولبناته، ويرث كل منهما الآخر.
والله أعلم .
تعليق