الحمد لله.
لا يجوز للمرأة أن تلبس ملابس الرجال، ولا يجوز للرجل أن يلبس ملابس المرأة، وقد ورد في ذلك النهي الشديد المصحوب باللعن مما يدل على أنه من الكبائر، فعنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: " لعن رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المتشَبِّهينَ مِن الرِّجالِ بالنِّساءِ، والمتشَبِّهاتِ مِن النِّساءِ بالرِّجالِ" رواه البخاري (5885).
وعن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لعَنَ الرَّجُلَ يَلبَسُ لِبْسةَ المرأةِ، والمرأةَ تَلبَسُ لِبْسةَ الرَّجُلِ" رواه أبو داود (4098)، وصححه الألباني في "صحيح سُنَن أبي داود".
وهذا النهي متوجه إلى الثياب التي هي من خصائص كل جنس منهما في عرف الناس.
وأما ما لم يكن مختصًا، بحيث يصلح لكل منهما، ولا يتبادر إلى ذهن من يراه أن هذا لباس للجنس الآخر، فلا يدخل في النهي، والعرف هو الذي يبين ذلك.
قال الشيخ السعدي رحمه الله في التشبه بين الرجال والنساء:
"فالأمور ثلاثة أقسام:
قسم مشترك بين الرجال والنساء من أصناف اللباس وغيره، فهذا جائز للنوعين؛ لأن الأصل الإباحة، ولا تشبه فيه.
وقسم مختص بالرجال، فلا يحل للنساء.
وقسم مختص بالنساء، فلا يحل للرجال." انتهى من "بهجة قلوب الأبرار" (ص145).
وقال الشيخ بن عثيمين رحمه الله: " الثياب تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم خاص بالرجال، وقسم خاص بالنساء، ولا يختلف الناس فيه، وقسم مشترك، فأما الأول والثاني فأمرهما ظاهر، يعني: لا يلبس الرجل لبسة المرأة ولا المرأة لبسة الرجل.
وأما الثالث فلا بأس إذا كان مشتركًا بين الطرفين مثل بعض الفنايل يلبسها الرجال والنساء على حدٍّ سواء" انتهى من "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" (5/ 367).
وسئل الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله:
"في بعض البلاد يكون زي النساء مثل زي الرجال ويشبهه، ولا فرق بينهما إلا أن النساء عندهن الاحتجاب فقط؟
فأجاب: إذا وجد هذا الشيء، وكان هذا هو الواقع فيكون التشبه في الأمور الأخرى، يعني: من ناحية الثوب إذا كان اللون الفلاني من خصائص الرجال أو من خصائص النساء وتعارف عليه أهل البلد؛ فلا يقدم الرجل على أن يلبس شيئاً عرف بأنه من خصائص المرأة أو اشتهر بأنه من خصائص المرأة، وكذلك العكس" . "شرح سنن أبي داود للعباد" (460/ 13 بترقيم الشاملة).
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله: "وفي الملابس التي قد لا يُفرَّق فيها بين كونه للرجال أو للنساء، فمثل هذه الحالة ينبغي أن يحصل التمايز بين الرجال والنساء، لكن هناك أنواع خفيفة بحيث إذا رأيتَ اللابس ما تقول: هذا رجل أو امرأة! فمثل هذا يُتسامح فيه" ، انتهى.
ومما سبق من كلام أهل العلم وتقريرهم، يتبين أنّ تحديد الملابس التي تخص كل من الجنسين يرجع إلى الأعراف السليمة.
فإذا كان: "التي شيرت" المذكور في السؤال، مما لا يعد في عرفكم من خصائص الرجال، لم يحرم عليك لبسه، وإن كانت المرأة تمنع من لبسه خارج البيت، لأجل الزينة أو انكشاف العورة إذا لبسته؛ فهذا مأخذ آخر، لا يرد في لبسه في المنزل.
وإن كان من ملابس الرجال الخاصة بهم، لم يجز للمرأة لبسه.
والله أعلم.
تعليق