الحمد لله.
أولًا :
أما الواجب على زوجك فهو التوبة إلى الله تعالى مما فعل، فإنه قد أتى ذنوبا عظيمة من أكبر الكبائر .
فالخمر قد قرنها الله تعالى في كتابه بأعظم المحرمات وأقبحها وهو الشرك بالله تعالى وعبادة الأصنام .
قال الله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ المائدة/90.
وقد سماها النبي صلى الله عليه وسم : "أم الخبائث" فإنها تجر إلى القتل والسرقة وغير ذلك من الجرائم .
وهو لا يكتفي بشربها ، بل يبيعها ويروجها ، وبذلك يتضاعف إثمه ، فإنه يعين الناس على الحرام وييسره لهم ، ويكتسب مالا حراما ، ينفق منه على نفسه وأهله ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : كل جسم نبت من حرام فالنار أول به رواه الطبراني وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4519).
وأما الزنى فإنه من أقبح الذنوب ، ولذلك كان عقاب الزاني المحصن شديدا ، وهو الرجم بالحجارة حتى الموت ، حتى يرتدع الناس عن هذا الفعل القبيح ، الذي يزينه الشيطان والنفس الأمارة بالسوء .
وزوجك وإن كان ينكر وقوعه في الزنى ، إلا أن عندك بعض القرائن والشواهد ، وقد اعترف هو بوقوعه في العلاقات المحرمة .
فالواجب عليه التوبة من ذلك كله ، وللتوبة شروط ثلاثة لا تصح إلا بها .
قال النووي رحمه الله :
"قال العلماء: التوبة واجبةٌ من كل ذنبٍ، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدميٍ؛ فلها ثلاثة شروطٍ: أحدها: أن يقلع عن المعصية.
والثاني: أن يندم على فعلها.
والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً. فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدميٍ فشروطها أربعةٌ: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها؛ فإن كانت مالاً أو نحوه رده إليه..." انتهى من "رياض الصالحين" (ص 46).
فلابد من الإقلاع عن المعصية، والندم عليها، والعزم على عدم العودة إليها مرة أخرى، فإن فعل ذلك فقد صحت توبته.
وعليه أن يسعى في تكميل توبته بإصلاح العمل والاستقامة على أمر الله، والإكثار من الطاعات، والبعد عن كل ما يعينه على المعصية ، ويشجعه عليها ، ويذكره بها ، كأصحاب السوء ، أو الأفلام والقنوات ... وغير ذلك.
ثانيا :
إن تاب زوجك واستقام وحافظ على الصلاة ، وترك المحرمات التي كان يفعلها ، وصلح حاله – وقد ذكرت أنه بدأ يفعل شيئا من ذلك – فالنصيحة لك أن تستمري معه ، ولا تتركيه ، فإن كل إنسان معرض لأن يغلبه شيطانه ونفسه ويقع في بعض الفواحش والمنكرات ، إلا أنه إذا رجع إلى رشده وتاب واستقام فإن الله يتوب عليه ويغفر له ذنبه ، ويمحوه ، كأنه لم يكن، قال النبي صلى الله عليه وسلم التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ رواه ابن ماجه (3427) وحسنه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجة" .
النصيحة لك أن تصبري وتعيني زوجك على التوبة والاستقامة ، فإن صلاح الناس وهدايتهم واستقامتهم هو مقصود المسلم ، لا عقابهم والتخلي عنهم وتركهم في حبائل الشيطان ، وفي ذلك مصلحة عظيمة لبناتك، ألا تتركيهم في مهب الريح، ولا أحد يعلم مع من سيكونون إذا افترقتما؟
فاجتهدي في معاملته بالحسنى ، وكذلك مري أولادك أن يجتهدوا في بره ، حتى تخرجوه مما كان فيه ، وتكونوا عونًا له على الاستقامة ، لا عونا للشيطان عليه .
حثيه دائما على المحافظة على الصلاة ، وأن يصلي في المسجد ، ويتعرف على الإمام والمصلين ، ويستبدل بهم أصحابه القدامى الذين كانوا يزينون له الفواحش والمنكرات .
وخذي بيديه إلى الله شيئا فشيئا ، وطهروا بيتكم من الحرام ، كالأغاني والموسيقى ، والأفلام ، فإن عاقبتها لن تكون خيرا .
وأكثري من الدعاء له بالهداية والاستقامة ، لعلك تصادقين ساعة إجابة من الله تعالى .
فإن استقام زوجك ، فالحمد لله ، وهذا هو المطلوب ، وإن كانت الأخرى ، وحاولت معه أنت وأولادك مرات ومرات ، ونفد صبرك ولم تعودي تتحملينه ، فلا حرج عليك حينئذ من مفارقته .
ولا خير لك في مصاحبة رجل يأتي هذه الفواحش ، ويصر عليها ؛ فإن ذلك سيضرك ويضر أولادك .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم ، وأن يهدي زوجك .
والله أعلم .
تعليق