الحمد لله.
أولاً:
اقتناء الكلب بغير غرض الحراسة أو الصيد محرم، وقد سبق بيان هذا الحكم، وحكم لمسه ونجاسته بما يغني عن الإعادة، فليرجع إليه: (69840)، (5212).
وما فعلته أمك غير جائز وهو من تقليد الكفار الذي تسرب إلى بيوت المسلمين، وقد جاء النص الصريح بالتحذير منه، بقوله صلى الله عليه وسلم: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ)، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ، اليَهُودَ والنَّصَارَى؟ قَالَ: (فَمَنْ؟) رواه البخاري (1397).
وقال صلى الله عليه وسلم: (من تشبّه بقوم فهو منهم) رواهأبو داود (3512)، وصححه الألباني في "الإرواء" (2691).
والتشبه بالكفار محرم، ويوحي بنقص في النفس، وشعور بالانهزامية، فضلاً عمّا يلحق أمك من نقصان الأجر الكبير بسبب اقتناء الكلب وامتناع دخول الملائكة، مما يحرم البيت من البركة والخير، فقد ورد في الحديث أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنِ اقْتَنَى كَلْباً إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أوْ ضَارِياً نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ) رواه البخاري (5165).
وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةُ تَمَاثِيلَ) رواه البخاري (3053).
ثانياً:
عليك بتذكير أمك برفق ولطف بما يحصل من الإثم وغياب الملائكة عن البيت بسبب وجود الكلب، مما يسهل تسلط الشياطين فيه، فإن حَصَلت استجابة فالحمد لله، وإن لم تحصل، فالذي عليك:
عدم ملاعبة الكلب ولمسه.
عدم المبيت في الغرفة التي فيها الكلب.
عدم الجلوس في الغرفة التي يكون فيها قدر استطاعتك.
وهذا من إنكار المنكر حسب استطاعتك.
ففي الحديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم (78).
قال الجصاص : "يجب إنكار المنكر على فاعله ، وإن مِنْ إنكاره إظهار الكراهة إذا لم يمكنه إزالته ، وترك مجالسة فاعله ، والقيام عنه ، حتى ينتهي ويصير إلى حال غيرها " انتهى من "أحكام القرآن" (2/407) .
وليكن إنكارك لهذا المنكر بالرفق واللين من غير أن تحدث مشكلة مع أهلك.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مراتب إنكار المنكر:" الشرط الرابع : أن يكون قادراً على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا ضرر يلحقه ، فإن لحقه ضرر : لم يجب عليه ، لكن إن صبر وقام به : فهو أفضل ؛ لأن جميع الواجبات مشروطة بالقدرة والاستطاعة ؛ لقوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن/16 ، وقوله : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) البقرة/286 .
الشرط الخامس : أن لا يترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفسدة أعظم من السكوت ، فإن ترتب عليها ذلك : فإنه لا يلزمه ، بل لا يجوز له أن يأمر بالمعروف أو ينهي عن المنكر". انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" ( 8 / 652 – 654 ) مختصراً .
والله أعلم.
تعليق