الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يخصص عموم السنة بالقران؟

476835

تاريخ النشر : 17-12-2023

المشاهدات : 2358

السؤال

السلام عليكم
نعلم انه يجوز ان يخصص النص القراني بالسنة النبوية لكن هل يجوز ان تخصص السنة بالنص القراني وهل هناك امثلة على ذلك

الجواب

الحمد لله.

جمهور أهل العلم على جواز تخصيص السنة بالقرآن؛ لأن مصدرهما واحد، فكلاهما وحي، وكلاهما بيان؛ فلا مانع من أن يبيّن أحدهما الآخر.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" التحقيق جواز ‌تخصيص ‌السنة بالكتاب، كما ذكرنا، خلافا لمن منعه محتجًا بقوله: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ .

ومن الحجة عليه:  وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ الآية " انتهى. "مذكرة أصول الفقه" (ص349).

وقال رحمه الله تعالى:

" والصحيح عند الأصوليين جواز تخصيص السنة بالكتاب؛ لأنه إذا جاز تخصيص الكتاب بالكتاب؛ فتخصيص السنة به أولى " انتهى. "أضواء البيان" (6 / 68).

ومن الأمثلة المشهورة التي يذكرها أهل العلم في هذه المسألة:

المثال الأول:

حديث ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ رواه البخاري (25) ومسلم (22).

فعموم هؤلاء الناس الذين يُقاتَلون حتى يدخلوا الإسلام، يخص منهم الذي يعطي الجزية، فإنه يُكف عن قتاله، ويدل على هذا التخصيص قوله تعالى:

قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ التوبة/29.

المثال الثاني:

عن أَبي هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ رواه البخاري (135) ومسلم (225).

فيخص من الحديث من لم يجد الماء، فإنه تقبل صلاته ولو لم يتوضأ، إذا تيمم، ويدل على هذا التخصيص، قوله تعالى:

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ المائدة/6.

المثال الثالث:

عَنْ أَبِي وَاقِدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا قُطِعَ مِنَ ‌الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ رواه أبو داود (2858)، والترمذي (1480).

وقال الترمذي رحمه الله تعالى: " وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.

وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ " انتهى.

وهذا عام يشمل ظاهره كل ما يقطع من البهيمة وهي حية، حتى شعرها وصوفها ووبرها.

قال أهل العلم، وهذا العموم يستثنى منه الصوف والشعر والوبر، فإنه يجوز قطعه من البهيمة وهي حية ولا ينهى عن استعماله، ويدل على هذا التخصيص قول الله تعالى: وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ النحل (80).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب