الحمد لله.
ما رواه الإمام مسلم (2353) عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً يَسْمَعُ الصَّوْتَ، وَيَرَى الضَّوْءَ سَبْعَ سِنِينَ وَلَا يَرَى شَيْئًا، وَثَمَانِ سِنِينَ يُوحَى إِلَيْهِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرًا".
فهذه الرواية مخالفة للأصح عن ابن عباس رضي الله عنه.
فقد روى البخاري (3903)، ومسلم (2351) عن رَوْح بْن عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "مَكَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَتُوُفِّيَ وَهْوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ".
كما أن رواية، أنه: ( مَكُثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً )، هي الموافقة للمشهور عن الصحابة رضوان الله عليهم.
قال البيهقي رحمه الله تعالى:
" ورواية الجماعة عن ابن عباس، في ثلاث وستين أصح، فهم أوثق وأكثر، وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن عروة، عن عائشة، وإحدى الروايتين عن أنس، والرواية الصحيحة عن معاوية، وهو قول سعيد بن المسيب وعامر الشعبي وأبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنه " انتهى من "دلائل النبوة" (7/241).
كما أن رواية خمس عشرة يلزم منها أنه صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن خمس وستين، وهذا خلاف الأصحّ والذي عليه أكثر الرواة.
قال البخاري رحمه الله تعالى:
" وقال عمار بن أبي عمار عن ابن عبّاس توفّي النّبي صلى الله عليه وسلم وهو بن خمس وستّين، ولا يُتَابع عليه، وكان شعبة يتَكلّم في عمار " انتهى. "التاريخ الأوسط" (1/55).
وقال رحمه الله تعالى:
"... عن الحسن عن دغفل: توفّي النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستّين.
هو السَّدُوسِيّ الذُّهْلِيّ، وَلا يُتَابَعُ عليه، وَلا يُعْرَف سماع الحسن من دَغْفَل، وَلا يُعْرَف لدَغْفَل إدراك النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عبّاس وعائشة ومعاوية: توفّي النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستّين، وهذا أصحّ " انتهى من "التاريخ الكبير" (3/255).
ولهذا حكم أهل العلم على رواية: ( أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً )، بأنها خلاف الأصح.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" قوله: ( فمكث بمكة ثلاث عشرة ) هذا أصح مما أخرجه أحمد، عن يحيى بن سعيد، عن هشام بن حسان بهذا الإسناد قال: ( أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وأربعين، فمكث بمكة عشرا )، وأصحّ مما أخرجه مسلم من وجه آخر عن ابن عباس: أن إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة كانت خمس عشرة سنة " انتهى من "فتح الباري" (7/ 230).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
" ... فينبغي أن تكون إقامته بمكة يوحى إليه ثلاث عشرة. وهو قول ابن عباس رضي الله عنه: ( أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه. وبالمدينة عشراً، ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة ). أخرجه مسلم...
وهذا القول هو الصحيح كما جزم به النووي، وبه قال الجمهور " انتهى. "مختصر صحيح مسلم للمنذري" (2/415).
وقال الشيخ محمد بن علي بن آدم الأثيوبي رحمه الله تعالى:
" (عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ) رضي الله عنهما أنه قَالَ: ( أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ): تقدّم أن الصحيحَ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما روايته الأخرى: "مكث بمكة ثلاثة عشرة سنة"؛ لموافقتها للجمهور، فتنبّه " انتهى من "البحر المحيط الثجاج" (37/ 690).
ولمزيد فائدة تحسن مطالعة جواب السؤال رقم: (185849).
والله أعلم.
تعليق