الحمد لله.
الأصل أن الدم الذي ينزل على المرأة دم حيض.
وإذا كنت تجدين هذه النقطة مع وجود الدم في الداخل، في زمن العادة، فالأقرب أنه حيض.
وإذا تجاوز هذا الدم مع ما بعده خمسة عشر يوما، فأنت مستحاضة، فتغتسلين وتصلين، ثم تعملين في الشهر التالي بعادتك القديمة، إذا كانت لك عادة منضبطة تذكرينها؛ لما روى البخاري (325) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ، سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ، فَقَالَ: (لاَ إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي).
فإن لم يكن لك عادة منضبطة قبل إجراء العملية، عملت بالتمييز بين دم الحيض والاستحاضة.
والتمييز يكون باللون والرائحة والغِلظ والخفة، فدم الحيض أسود أو غامق، وله رائحة كريهة، وهو غليظ، بخلاف دم الاستحاضة، كما قال الناظم:
باللون وبالريح وبالتألمِ *** وخفة وغلظة مَيْزُ الدمِ
فإن لم يكن تمييز-كما هو الظاهر هنا-، فتجلسين غالب الحيض، وهو ستة أيام أو سبعة أيام، تجلسين أيا منهما، بحسب ما تعرفين من مدة الحيض عند قريباتك؛ لما روى الترمذي (128) وأبو داود (287) وابن ماجه (622) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ: (فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي، فَإِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، أَوْ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا، وَصُومِي وَصَلِّي، فَإِنَّ ذَلِكِ يُجْزِئُكِ، وَكَذَلِكِ فَافْعَلِي، كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ، لِمِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ).
قال ابن قدامة رحمه الله: " القسم الرابع من أقسام المستحاضة، وهي من لا عادة لها ولا تمييز.
وهذا القسم نوعان:
أحدهما: الناسية، ولها ثلاثة أحوال:
أحدها، أن تكون ناسية لوقتها وعددها، وهذه يسميها الفقهاء المتحيرة.
والثانية، أن تنسى عددها، وتذكر وقتها.
والثالثة، أن تذكر عددها، وتنسى وقتها.
فالناسية لهما، هي التي ذكر الخرقي حكمها، وأنها تجلس في كل شهر ستة أيام أو سبعة، يكون ذلك حيضها، ثم تغتسل، وهي فيما بعد ذلك مستحاضة، تصوم وتصلي وتطوف...
قوله: " ستا أو سبعا ": الظاهر أنه ردها إلى اجتهادها ورأيها، فيما يغلب على ظنها أنه أقرب إلى عادتها أو عادة نسائها، أو ما يكون أشبه بكونه حيضا.
القسم الثاني: الناسية لعددها دون وقتها، كالتي تعلم أن حيضها في العشر الأول من الشهر، ولا تعلم عدده، فهي في قدر ما تجلسه كالمتحيرة، تجلس ستا أو سبعا...
القسم الثالث، الناسية لوقتها دون عددها، وهذه تتنوع نوعين:
أحدهما، أن لا تعلم لها وقتا أصلا، مثل أن تعلم أن حيضها خمسة أيام، فإنها تجلس خمسة من كل شهر؛ إما من أوله، أو بالتحري، على اختلاف الوجهين. والثاني: أن تعلم لها وقتا، مثل أن تعلم أنها كانت تحيض أياما معلومة من العشر الأول من كل شهر، فإنها تجلس عدد أيامها من ذلك الوقت دون غيره" انتهى من "المغني" (1/ 233).
والله أعلم.
تعليق