الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

هل صح خبر الصحابي الذي صلت عليه الملائكة بسبب سورة الإخلاص؟

486614

تاريخ النشر : 06-01-2024

المشاهدات : 3139

السؤال

سمعت أن رجلا من الصحابة مات وصلى عليه سبعة آلاف من الملائكة، لأنه كان يقرأ سورة الإخلاص قاعدا وقائما وعلى جنبه، فهل هذا حديث صحيح؟

ملخص الجواب

هذا الحديث ضعيف الإسناد، حكم عليه عدد من أهل العلم بالضعف والنكارة.

الجواب

الحمد لله.

هذا الخبر رواه أبو يعلى في "المسند" (6 / 198)، وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص118)، والبيهقي في "الشعب" (4 / 153- 154)، و"الدلائل" (5 / 245)، و"السنن الكبرى" (7 / 428)، من طرق: عن العَلاء أبي محمدٍ الثقَفِيّ قال: سَمِعتُ أنَسَ بنَ مالكٍ، قال: " كُنَّا مَعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بتَبوكَ، فطَلَعَتِ الشَّمسُ بضياءٍ وشُعاع ونورٍ لَم أرَها طَلَعَت فيما مَضَي، فأَتَى جَبرَيلُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يَا جَبرَيلُ! ما لِى أرَى الشَّمسَ اليَومَ طَلَعَت بضياءٍ ونورٍ وشُعاع لَم أرَها طَلَعَت فيما مَضَى؟ 

فقالَ: ذاكَ أنَّ مُعاويَةَ بنَ مُعاويَةَ اللَّيثِيَّ ماتَ بالمَدينَةِ اليَومَ، فبَعَثَ اللَّهُ عز وجل إلَيه سَبعينَ ألفَ مَلَكٍ يُصَلّونَ عَلَيهِ.

قال: (وفيمَ ذاكَ؟)

قالَ: كان يُكثِرُ قِراءَةَ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) باللَّيلِ والنَّهارِ، وفِى مَمشاه وقيامِه وقُعوده، فهَل لَكَ يا رسولَ اللَّهِ أن أقبِضَ لَكَ الأرضَ فتُصَلِّىَ عَلَيه؟

قال: نَعَم، قال: فصَلَّى عَلَيه، ثُمَّ رَجَعَ.

والعلاء أبو محمد: متروك الحديث متهم بالوضع.

قال الذهبي رحمه الله تعالى: " العلاء بن زيدل الثقفي. عن أنس بن مالك. يكنى أبا محمد بصري، تالف.

قال ابن المديني: كان يضع الحديث.

وقال أبو حاتم والدارقطني: متروك الحديث.

وقال البخاري وغيره: منكر الحديث.

وقال ابن حبان: روى عن أنس نسخة موضوعة، منها: الصلاة بتبوك صلاة الغائب على معاوية بن معاوية الليثي " انتهى من "ميزان الاعتدال" (3 / 109).

وقال النووي رحمه الله تعالى بعد أن ساق الحديث:

" اتفقوا على ضعفه. ممن ضعفه البيهقي " انتهى من "خلاصة الأحكام" (2 / 964).

وقال ابن حبّان رحمه الله تعالى:

" حديث منكر لم يتابع عليه، ولست أحفظ في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا يقال له معاوية بن معاوية الليثي، وقد سرق هذا الحديث شيخ من أهل الشام فرواه عن بقية، عن محمد بن زياد، عن أبي أمامة بطوله " انتهى. "المجروحين" (2 / 173).

وهذا الإسناد عن أبي أمامة، رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (4 / 163)، وفي "الكبير" (7537)، وفي "مسند الشاميين" (2 / 12 - 13)، قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: حدثنا نُوحُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُوَيٍّ السَّكْسَكِيُّ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: حدثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِتَبُوكَ. فذكر الخبر.

ثم قال الطبراني في "الأوسط":

" لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ إِلَّا بَقِيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: نُوحُ بْنُ عُمَرَ الْحِمْصِيُّ " انتهى.

قال الهيثمي رحمه الله تعالى:

" رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وفيه نوح بن عمر؛ قال ابن حبان: يقال إنه سرق هذا الحديث.

قلت: ليس هذا بضعف في الحديث، وفيه بقية وهو مدلس، وليس فيه علة غير هذا " انتهى. "مجمع الزوائد" (3 / 38).

وكونه سرق هذا الحديث هو علة توجب ضعفه؛ أي أن هذا الحديث هو نفسه السابق، لكن رُكِّب له إسناد آخر.

وله إسناد آخر عن أنس، رواه أبو يعلى في "المسند" (6 / 200)، وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص116)، والطبراني في "المعجم الكبير" (19 / 428)، والبيهقي في "الدلائل" (5 / 246)، وفي "السنن الكبرى" (7 / 429)، من طرق عدة: عن عثمان بن الهَيثَمِ، حَدَّثَنَا مَحبوبُ بنُ هِلالٍ، عن عَطاء ابنِ أبى مَيمونَةَ، عن أنَسِ بنِ مالكٍ.

وهذا إسناد ضعيف؛ لأن فيه:

عثمان بن الهيثم: ووصف بكثرة الوهم، وبأنه كان في آخر عمره يلقَّن ما ليس من حديثه، فيرويه.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" عثمان ‌بن ‌الهيثم المؤذن، قال أبو حاتم: كان بأخرة يُلَقَّن. قال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ " انتهى. "المغني في الضعفاء" (2 / 429).

ومحبوب بن هلال، قال عنه الذهبي رحمه الله تعالى:

" محبوب ‌بن ‌هلال. عن عطاء بن أبي ميمونة.

لا يعرف، وحديثه منكر " انتهى. "ميزان الاعتدال" (4 / 22).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" ورواه البيهقي، من رواية عثمان بن الهيثم المؤذن، عن محبوب بن هلال، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أنس، فذكره. وهذا هو الصواب، ومحبوب بن هلال، قال أبو حاتم الرازي: ليس بالمشهور.

وقد روي هذا من طرق أخر، تركناها اختصارا، وكلها ضعيفة " انتهى. "تفسير ابن كثير" (8 / 526).

ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (19 / 429)، والبيهقي في "الشعب" (4 / 152): عن يُونُس بْن مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّم، حدثنا صَدَقَةُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ مرسلا.

والمرسل من أقسام الضعيف.

كما أن فيه صدقة بن أبي سهل: وهو مجهول لا يعرف.

قال الهيثمي رحمه الله تعالى:

" رواه الطبراني في الكبير، وفيه صدقة بن أبي سهل ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات " انتهى. "مجمع الزوائد" (3 / 38).

ورواه ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص117): قال: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَاءَةُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عِمْرَانَ الْأَزْدِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. مرسلا.

ومع إرساله، في اسناده علي بن زيد، وهو المعروف بعلي بن زيد بن جدعان، وقد ضُعِّف، وعباءة بن كليب، له أوهام.

والخلاصة:

هذا الحديث ضعيف الإسناد، حكم عليه عدد من أهل العلم بالضعف والنكارة.

وقال ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى، بعد أن ساق جملة من هذه الأسانيد:

" أسانيد هذه الأحاديث ليست بالقوية، ولو أنها في الأحكام لم يكن في شيء منها حجّة، ومعاوية بن مقرن المزني وإخوته: النعمان، وسويد، ومعقل وسائرهم- وكانوا سبعة- معروفون في الصحابة، مذكورون في كبارهم. وأما معاوية بن معاوية فلا أعرفه بغير ما ذكرت في هذا الباب، وفضل ( قل هو الله أحد ) لا ينكر. وبالله التوفيق " انتهى من "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (3 / 1425).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب