الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم أخذ سلفة على الراتب مع اشتراط أن يعمل ساعات عمل إضافية مجانًا؟

490374

تاريخ النشر : 17-01-2024

المشاهدات : 1926

السؤال

أعمل في دولة أجنبية غير مسلمة، وأحتاج إلى المال، وتجنباً لأخذ قرض ربوي، طلبت من المدير في العمل سلفة كبيرة على الراتب، على أن تقتطع على دفعات شهرياً من الرواتب المستقبلية، وافق المدير، وأرسل لي عقدا رسميا بالسلفة، مذكور فيه جميع الشروط، وطرق السداد، والأحكام، والعقد كان سليما شرعاً إن شاء الله تعالى، وطلب مني بالإضافة إلى ذلك عند مقابلته أن أعمل الشهرين القادمين لساعات إضافية بدون اجر، علماً بأنها لم تذكر في العقد، ولكنه اشترطها شفهياً. فهل مازال العقد المكتوب سليماً مع هذا الشرط؟

الجواب

الحمد لله.

إذا شُرط في القرض زيادة، فهو قرض ربوي محرم، سواء كانت الزيادة عينا، أو منفعة، وسواء كان الشرط مكتوبا أو شفويا، كأن يشترط أن يعمل المقترض للمقرض مجانا، بل يحرم أن يعمل المقترض مجانا، أو يقدم هدية خلال مدة القرض، إذا لم تجر العادة بينهما قبل القرض بالإهداء أو تقديم المنافع مجانا.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/ 241): " وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا، ولو كان قبضةً من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده: فهو حرام بغير خلاف.

قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك: أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.

وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة...

وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها، أو على أن يهدي له هدية، أو يعمل له عملا: كان أبلغ في التحريم.

وإن فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء: لم يقبله، ولم يجز قبوله، إلا أن يكافئه، أو يحسبه من دينه. إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض؛ لما روى الأثرم أن رجلا كان له على سمّاك عشرون درهما، فجعل يهدي إليه السمك، ويُقَوِّمه، حتى بلغ ثلاثة عشر درهما، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم.

وعن ابن سيرين، أن عمر أسلف أُبي بن كعب عشرة آلاف درهم، فأهدى إليه أبي بن كعب من ثمرة أرضه، فردها عليه، ولم يقبلها، فأتاه أُبي فقال: لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة، وأنه لا حاجة لنا؛ فبم منعت هديتنا؟! ثم أهدى إليه بعد ذلك، فقبل.

وعن زر بن حبيش، قال: قلت لأبي بن كعب: إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد، إلى العراق؟ فقال: إنك تأتي أرضا فاش فيها الربا، فإن أقرضت رجلا قرضا، فأتاك بقرضك ومعه هدية، فاقبض قرضك، واردد عليه هديته. رواهما الأثرم.

وروى البخاري، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قدمت المدينة، فلقيت عبد الله بن سلام. وذكر حديثا. وفيه: ثم قال لي: إنك بأرض فيها الربا فاش، فإذا كان لك على رجل دَين، فأهدى إليك حِمل تِبْنٍ، أو حِملَ شعير، أو حمل قَتٍّ، فلا تأخذه، فإنه ربا.

قال ابن أبي موسى: ولو أقرضه قرضا، ثم استعمله عملا، لم يكن يستعمله مثله قبل القرض، كان قرضا جر منفعة" انتهى من "المغني" (6/ 436)، وينظر: "الشرح الكبير" (12/350).

وعليه؛ فالقرض الذي تريد أخذه قرض ربوي محرم؛ لأن المقترض اشترط أن تعمل ساعات إضافية مجانا لمدة شهرين، فهذا شرط ربوي ظاهر.

وكذا لا يجوز أن تعمل له ذلك دون شرط خلال مدة القرض؛ لتحريم الهدية على القرض، قبل الوفاء.

ولا عبرة بكون عقد القرض المكتوب خلا من اشتراط الزيادة؛ لأن الشرط الشفوي كالمكتوب، وكلاهما ملزم لمن التزمه، بل يحرم عملك ذلك مجانا بلا شرط، كما تقدم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب