الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم يسير النجاسة بعد الاستجمار إذا أصاب البدن أو الثوب؟

493239

تاريخ النشر : 14-02-2024

المشاهدات : 4867

السؤال

ما حكم أثر الاستجمار المعفو عنه إذا انتقل إلى الثياب أو نزل على البدن؟

الجواب

الحمد لله.

اختلف العلماء في أثر الاستجمار إذا انتقل عن محله، إلى البدن أو الثياب.

فذهب الأحناف إلى أن أثر النجاسة المتبقية بعد الاستجمار معفو عنها إذا انتقلت إلى الثوب والبدن.

قال ابن الهمام رحمه الله: "وأجمع المتأخرون أنه لا ينجس بالعرق، ‌حتى ‌لو ‌سال ‌العرق ‌منه، وأصاب الثوب والبدن أكثر من قدر الدرهم: لا يمنع" انتهى من "فتح القدير" (1/ 214).

وذهب المحققون من الشافعية إلى أنه يُعفى عن المتبقي من الاستجمار، إذا انتقل عن المحل إلى البدن أو الثياب.

قال النووي رحمه الله: "ويجري الوجهان فيما لو ‌عرق، وتلوث بمحل النجو غيرُه.

لكن الأصح هنا: العفو؛ لعسر الاحتراز" انتهى من "روضة الطالبين" (1/279).

وقال الرملي رحمه الله: "ويعفى عن أثر محل استجماره، لجواز اقتصاره على الحجر، وإن ‌عرق ‌محل الأثر، وتلوث بالأثر غيره؛ لعسر تجنبه" انتهى من "نهاية المحتاج" (2/25).

وذهب الحنابلة، على المشهور من المذهب إلى أنه غير معفو عنه، وهذا بناء على قولهم: إنّ الاستجمار لا يطهر المحل.

والقول الثاني في المذهب: أنه معفو عنه، لأن الاستجمار يطهر المحل، وهو مروي عن الإمام احمد.

قال ابن قدامة، رحمه الله: " وقد عفي عن النجاسات المغلظة لأجل محلها، في ثلاثة مواضع؛ أحدها: محل الاستنجاء، يعفى فيه عن أثر الاستجمار بعد الإنقاء، واستيفاء العدد، بغير خلاف نعلمه.

واختلف أصحابنا في طهارته:

فذهب أبو عبد الله ابن حامد، وأبو حفص بن المسلم، إلى طهارته. وهو ظاهر كلام أحمد؛ فإنه قال، في المستجمر يعرق في سراويله: لا بأس به. ولو كان نجسا لنجسه.

ووجه ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم، في الروث والرمة: "إنهما لا يطهران"؛ مفهومه: أن غيرهما يطهر، ولأنه معنى يزيل حكم النجاسة، فيزيلها كالماء.

وقال أصحابنا المتأخرون: لا يَطهُر المحلُّ، بل هو نجس، فلو قعد المستجمر في ماء يسير: نجسه، ولو عرق كان عرقه نجسا؛ لأن المسح لا يزيل أجزاء النجاسة كلها، فالباقى منها نجس، لأنه عين النجاسة، فأشبه ما لو وجد في المحل وحده" انتهى من "المغني" (2/486). ط التركي.

واختار الشيخ ابن عثيمين أنّ اليسير المتبقي من الاستجمار معفو عنه.

قال رحمه الله في شرحه قول صاحب الزاد (فإن الأثر الباقي بعد هذا الاستجمار يعفى عنه في محله):

" وعلم من قوله: في محله: أنه لو تجاوز محله لم يُعْفَ عنه، كما لو عرق، وسال العرق، وتجاوز المحل، وصار على سراويله أو ثوبه، أو صفحتي الدبر، فإنه لا يعفى عنه حينئذ، لأنه تعدى محله.

وعلم من كلامه رحمه الله أن الاستجمار لا يطهر، وأن أثره نجس، لكن يعفى عنه في محله.

والصحيح: أنه إذا تمت شروط الاستجمار، فإنه مطهر.

والدليل قوله صلى الله عليه وسلم في العظم والروث: إنهما لا يطهران، وإسناده جيد.

فقوله صلى الله عليه وسلم: لا يطهران، يدل على أن الاستجمار بما عداهما ـ مما يباح به الاستجمار ـ يطهر.

وبناء على هذا القول ـ الذي هو الراجح ـ لو تعدى محله، وعرق في سراويله: فإنه لا يكون نجسا، لأن الاستجمار مطهر، لكنه عفي عن استعمال الماء تيسيرا على الأمة" انتهى من "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (1/ 445-446).

وبناء على ما سبق:

فالراجح هو القول بأن المتبقي من يسير النجاسة بعد الاستجمار معفو عنه، ولو انتقل إلى الثوب أو البدن؛ لأن هذا هو الظاهر من حال الصحابة؛ أنهم يعرقون، وتلامس ثيابهم أثر الاستجمار في محله؛ ولم ينقل عن أحدهم أنهم كانوا يغسلون ذلك، ولأن هذا الأمر يصعب التحرز منه، ولم يأتِ في حكم الاستجمار استثناء لحكم انتقال المتبقي إلى الثوب أو البدن، فدل على أن الأمر على العفو.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب