الحمد لله.
أولا:
يجوز شراء سيارة بالتقسيط إلى آجال معلومة، ولو كان الثمن أعلى من ثمن البيع الحال، إذا خلا العقد من شرط محرم، كغرامة التأخير، أو احتفاظ البائع بالملكية.
قال النووي رحمه الله: "اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ؛ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ " انتهى من "المجموع" (9/ 339).
وجاء في قرار المجمع الفقهي بشأن البيع بالتقسيط:
" أولاً: تجوز الزيادة في الثمن المؤجَّل عن الثمن الحالِّ، كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقداً، وثمنه بالأقساط لمدد معلومة.
ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل.
فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل، بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد: فهو غير جائز شرعاً .
ثانياً: لا يجوز شرعاً، في بيع الأجل، التنصيص في العقد على فوائد التقسيط، مفصولة عن الثمن الحال، بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة، أم ربطاها بالفائدة السائدة .
ثالثاً : إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد؛ فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين، بشرط سابق أو بدون شرط؛ لأن ذلك ربا محرم .
رابعاً: يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حل من الأقساط، ومع ذلك لا يجوز شرعاً اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء .
خامساً : يجوز شرعاً أن يشترط البائع بالأجل حلول الأقساط قبل مواعيدها، عند تأخر المدين عن أداء بعضها، ما دام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد .
سادساً: لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة." انتهى من "مجلة المجمع" (ع 6 ج 1 ص 193 وع 7 ج 2 ص 9).
وجاء في المعايير الشرعية ص 115: " لا يجوز اشتراط عدم انتقال ملكية السلعة إلى العميل إلا بعد سداد الثمن؛ ولكن يجوز إرجاء تسجيل السلعة باسم العميل المشتري لغرض ضمان سداد الثمن؛ مع الحصول على تفويض من العميل للمؤسسة ببيع السلعة إذا تأخر عن سداد الثمن. وعلى المؤسسة إعطاء المشتري (سند ضد)؛ لإثبات حقه في الملكية.
وإذا باعت المؤسسة السلعة لعدم سداد الثمن في حينه: فيجب عليها الاقتصار على مستحقاتها وإعادة الباقي إلى العميل" انتهى.
ثانيا:
لا حرج في أخذ البائع ضماناتٍ يضمن بها تحصيل دينه، كرهن، أو كفيل، أو شيكات بالأقساط.
جاء في "المعايير الشرعية" ص 115: " ينبغي أن تطلب المؤسسة من العميل ضمانات مشروعة في عقد بيع المرابحة للآمر بالشراء.
ومن ذلك حصول المؤسسة على كفالة طرف ثالث، أو رهن الوديعة الاستثمارية للعميل، أو رهن أي مال منقول أو عقار، أو رهن السلعة محل العقد رهنا ائتمانيا (رسميا) دون حيازة، أو مع الحيازة للسلعة، وفك الرهن تدريجيا حسب نسبة السداد.
يجوز مطالبة المؤسسة للعميل بتقديم شيكات، أو سندات لأمر، قبل إبرام عقد المرابحة للآمر بالشراء، ضماناً للمديونية التي ستنشأ بعد إبرام العقد، شريطة النص على أنه لا يحق للمؤسسة استخدام الشيكات أو السندات إلا في مواعيد استحقاقها، وتمتنع المطالبة بالشيكات في البلاد التي يمكن فيها تقديمها للدفع قبل موعدها " انتهى.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (364211)، ورقم:(259981).
ثالثا:
إيصال الأمانة، ورقة تتضمن ذكر ثلاثة أطراف، مسلّم ومستلم ومستفيد، فالمسلّم يدفع مالا للمستلم ليوصلها للمستفيد، ومعلوم أنه لا أمانة في بيع التقسيط، بل الأقساط دين على المشتري، فإذا كتب البائع أنه أعطى مالا للمشتري ليوصله إلى طرف ثالث، كان كذبا.
ويلجأ بعض الناس إلى استعمال إيصالات الأمانة لسهولة استخراجها، إذ هي ورقة تباع في المكتبات، ويمكن كتابتها باليد، ثم لظنهم أن تحصيل الحق بها أسرع وأيسر من تحصيله بالشيك، مع مشقة الحصول على الشيك الذي يستلزم وجود حساب للمشتري في أحد البنوك، وقد يتأخر في الحصول على دفتر الشيكات فيفوته الشراء.
والذي ننصح به عدم استعمال إيصالات الأمانة، إلا عند تعذر استعمال ضمان آخر كالشيك؛ لأن إيصال الأمانة عرضة للإبطال، والطعن عليه، لأسباب كثيرة، مع ما يتضمنه من الكذب.
فإن تعذر استعمال ضمان آخر، فلا حرج فيه؛ لجواز الكذب لمصلحة الوصول إلى الحق دون إضرار بالغير. خاصة والكذب فيه ليس بصريح قوله، بل هو كتابة، والكتابة شأنها أهون.
قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد المستفادة من غزوة خيبر: " ومنها: جواز كذب الإنسان على نفسه وعلى غيره، إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه، كما كذب الحجّاح بن عِلاط على المسلمين [حيث نسب أنهم هزموا]، حتى أخذ ماله من مكة، من غير مضرة لحقت المسلمين من ذلك الكذب" انتهى من "زاد المعاد" (3/ 350).
والله أعلم.
تعليق