الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

يجمعون مالا ثم يعطونه لأحدهم، وبعد سداده يعطونه لآخر، وهكذا بالتناوب، فما الحكم؟

496169

تاريخ النشر : 07-02-2024

المشاهدات : 1953

السؤال

اتفقت مع مجموعة أصدقائي على أن يعطي كل واحد جزءا من ماله بالتساوي، ثم نعطيها لشخص واحد بيننا؛ لعمل مشروع مثلا، وبعد مدة يعيد المال، ونعطيه لواحد آخر، فهل هذه المعاملة تعتبر ربا؟

الجواب

الحمد لله.

الاجابة

أولا:

لا حرج في جمع مال، وإعطائه لمن ينتفع به في مشروع أو غيره من المباحات، ثم يرده، دون زيادة؛ لأنه قرض حسن، يثاب فاعله نصف ثواب الصداقة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً رواه ابن ماجه (2430) وابن حبان في صحيحه والبيهقي مرفوعا وموقوفا، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (5/225).

قال الشيخ زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (2/ 140): " الْقَرْضُ ... (هُوَ قُرْبَةٌ) لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى كَشْفِ كُرْبَةٍ، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: " مَنْ أَقْرَضَ مُسْلِمًا دِرْهَمًا مَرَّتَيْنِ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ صَدَقَتِهِ مَرَّةً"، وَاسْتَقْرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ جَمَاعَةٍ، نَعَمْ ، إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ مَكْرُوهٍ: لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً " انتهى.

وقال الرملي الكبير في حاشيته: " قَوْلُهُ (نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ): بَلْ يَحْرُمُ فِي الْأَوَّلِ, وَيُكْرَهُ فِي الثَّانِي" انتهى.

فمن أقرض مئة، فكما لو تصدق بخمسين.

وقد يكون القرض أكثر ثوابا من الصدقة لاعتبارات أخرى، كحاجة المقترض، وشدة كربته، وقرابته ونحو ذلك.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وربما يكون القرض أحيانا أكثر ثوابا من الصدقة؛ لأنه لا يستقرض إلا محتاج في الغالب، والصدقة أفضل من جهة أنها لا تشغل الذمة، فإذا أعطيته لم يكن في ذمته شيء " انتهى من "الشرح الممتع" (9/ 94).

وأما إذا شُرط على المقترض أن يرده بزيادة، فهذا هو الربا المجمع على تحريمه.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/241): " وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضةً من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.

ثانيا:

إذا كان هذا الإقراض لأفراد المجموعة بالتناوب، أي إذا رد الأول المال، أعطي لآخر، فلا حرج في ذلك، وهو شبيه بما يسمى بجمعية الموظفين، وقد أجازها جمع من المتقدمين وأكثر المعاصرين، لكن في جمعية الموظفين يؤخذ المال أسبوعيا أو شهريا، وهنا ينتظر سداد المال كله، ثم يعطى لآخر.

قال القليوبي رحمه الله في حاشيته (2/258): "الجمعة المشهورة بين النساء؛ بأن تأخذ امرأة من واحدة من جماعة منهن قدراً معيناً في كل جمعة أو شهر، وتدفعه لواحدة بعد واحدة إلى آخرهن: جائزة، كما قاله الولي العراقي" انتهى .

وقد صدر بجوازها قرار بالأكثرية من هيئة كبار العلماء، وكذلك أفتى بجوازها الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين، والشيخ عبد الله بن جبرين رحمهم الله .

وينظر: جواب السؤال رقم: (130147 ).

و"المعاملات المالية"، للشيخ أبو عمر الدبيان (18/ 235- 247).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب