الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

إذا أعطى طالب الطب للمريض نصيحة طبية خاطئة، فهل يضمن؟

497450

تاريخ النشر : 05-03-2024

المشاهدات : 1632

السؤال

أنا طالب طب في السنة الأولى، كلفت لما كنت في إحدى التدريبات الاستشفائية في مصلحة الأمراض المزمنة بتوزيع الأدوية على المرضى، الحاصلين على وصفة طبية من طبيب مختص، مع تدوينهم في سجلات المستشفى، والصحة العامة، وجاءني مريض مسن كان قد وصف له الطبيب دواء لمرض الضغط المرتفع، وبعد أن سلمته دواءه بدأ يشتكي لي من أعراض يعاني منها أحيانا، تبدوا أنها أعراض نفس الداء، فأخبرته بذلك، وأعلمته بأني أعطيته الدواء الذي وصفه له الطبيب، وبعد ما ذهب المريض، وجاء المؤطر ـ كان غائبا عندما جاءني المريض ـ فاستشرته في هذه المسألة، وأخبرني أنه كان علي أن أرسله ليجري فحصا في المؤسسة الاستشفائية التي نحن فيه، نظرا لكون بعض المرضى يصبح الدواء أقل فعالية معهم مع الوقت، فنقوم إما بزيادة الجرعة، أو اللجوء لأدوية أخرى، إن ضغط الدم المرتفع له أعراض كارثية على جسم الإنسان، تؤدي في مجموعة من الحالات إلى الموت. السؤال: إن كان فعلي هذا قد أدى إلى تدهور حالة المريض، والشيء الذي قد يؤدي به إلى الوفاة، فهل أعتبر قاتلا؟ وإن كنت كذلك فأي أنواع القتل هذا؟ وماذا علي أن أفعل؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا :

ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ رواه أبو داود (4586)، والنسائي (4830)، وابن ماجه (3466)، وحسَّنه الألباني في "سنن أبي داود".

قال ابن القيم رحمه الله :

"وقوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ تَطَبَّبَ) ولم يقل : "من طبَّ" ؛ لأن لفظ التفعُّل يدل على تكلف الشيء ، والدخول فيه بعسر ، وكلفة ، وأنه ليس من أهله" انتهى من "زاد المعاد" (4/127).

فالحديث يدل على أنه لا يجوز لأحد أن يمارس الطب ويصف أدوية للمرضى وهو لا يحسن الطب ، فإن فعل ذلك وترتب على فعله إضرار بالمريض فإنه يتحمل هذا الضرر ، لأنه المتسبب فيه بتعديه .

قال الخطابي رحمه الله :

"لَا أَعْلَم خِلَافًا فِي أَنَّ الْمُعَالِج إِذَا تَعَدَّى فَتَلِفَ الْمَرِيض كَانَ ضَامِنًا ، وَالْمُتَعَاطِي عِلْمًا أَوْ عَمَلًا لَا يَعْرِفهُ مُتَعَدٍّ ، فَإِذَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْله التَّلَف ضَمِنَ الدِّيَة ، وَسَقَطَ الْقَوَد عَنْهُ [أي القصاص] لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبِدّ بِذَلِكَ دُون إِذْن الْمَرِيض . وَجِنَايَة الطَّبِيب فِي قَوْل عَامَّة الْفُقَهَاء عَلَى عَاقِلَته" انتهى من عون المعبود.

وطالب السنة الأولى في الطب ليس طبيبا ، فإذا أخطأ ، فإنه ضامن لما ترتب علي خطئه .

وينظر للأهمية: جواب السؤال رقم: (114047).

ثانيا :

إذا ترتب على خطأ الطبيب موت المريض فهو قتل خطأ ، يتحمل فيه الطبيب الكفارة ، عتق رقبة (وهي غير موجودة الآن) فينتقل إلى صيام شهرين متتابعين ، لقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُواـ ثم قال تعالى :  فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً النساء/92.

وعليه الدية ، ولكن الدية تتحملها عاقلة الطبيب ، فإن لم يتحملوها ، أو كانوا فقراء ، فإنها تجب على الطبيب .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والصحيح أنه إذا لم يكن له عاقلة : فعليه .

فإن لم يكن هو واجداً : أخذنا من بيت المال؛ وذلك لأن الأصل أن الجناية على الجاني، وحُمِّلَت العاقلة من باب المعاونة والمساعدة" انتهى من "الشرح الممتع" (14/179).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (378851).

ثالثا :

إذا كنت أخطأت مع ذلك المريض ، ولكنك لا تدري ماذا أصابه بعد ذلك ، وهل تدهورت حالته أم لا؛ فلا يجب عليك شيء، لأن الأصل براءة الذمة ، وأنه لا يجب على الإنسان شيء بمجرد الشك. والظاهر أنه لو كان من ذلك شيء، لشاع خبر وعرف حال المريض. فننصحك ألا تفتح على نفسك باب الوساوس والشكوك، لا سيما وأنت ما زلت في أول طريقك التعليمي، ثم المهني بعد ذلك.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (329014)، ورقم: (408883).

لكن، وبكل حال: خذ من هذا درسا؛ أنه يجب عليك فيما يستقبل أن لا تنفرد بتشخيص المرض ووصف العلاج له ، لأنك ما زلت في بداية دراسة الطب ، ولم تتقنه بعد.

ثم، لو صرت طبيبا؛ فكن حذرا، أمينا على صحة الناس وحياتهم؛ وما أشكل عليك من شيء؛ فدعه إلى عالِمِه، والتمس النجاة لنفسك، قبل أن يكون همك: العمل؛ كيفما كان الحال!!

وينظر أيضا للفائدة: جواب السؤال رقم: (218219).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب