الحمد لله.
أولا:
الصحون التي تستعملها المطاعم لنقل الطعام، تعتبر عارية في يد المشتري، وهي مضمونة عليه، والتأمين النقدي الذي يأخذه المطعم في مقابلها، يكيّف على أنه رهن، ويجوز أخذ الرهن على العارية في مذهب الحنابلة وجماعة من العلماء؛ لأنها مضمونة على المستعير.
قال في "الفروع" (6/360): "يصح الرهن بكل دين واجب ... وفي عين مضمونة، كعارية" انتهى.
كما يجوز رهن النقود، لكن يشترط ألا يستعملها المطعم حتى لا تكون سلفا، والسلف ممنوع اشتراطه في البيع؛ لما روى الترمذي (1234)، وأبو داود (3504)، والنسائي (4611) عن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وصححه الترمذي، والألباني.
جاء "الموسوعة الفقهية" (41/ 192): " وأما المالكية فقالوا: يجوز رهن النقود، سواء جعلت في يد عدل، أو في يد المرتهن، واشترطوا لصحة رهنها أن يختم عليها ختما محكما، بحيث متى أزيل الختم عرف ذلك، وإنما اشترطوا ذلك حماية للذريعة، لاحتمال أن يكونا قصدا به السلف، وسمياه رهنا، والسلف مع المداينة ممنوع" انتهى.
ثانيا:
لا يجوز للمشتري أن يستولي على هذه الصحون، ولو كان دفع تأمينا يساوي سعرها أو أكثر؛ لأن هذا الاستيلاء لا يباح إلا بالبيع والشراء، ولا يكون إلا عن تراض؛ لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ النساء/29، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ.
رواه ابن ماجة (2185) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة. وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7662).
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (3/ 149): " (وشروط البيع سبعة أحدها: التراضي به منهما)؛ أي: من المتبايعين، (وهو أن يأتي به اختيارا)، لقوله تعالى إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم [النساء: 29]، ولحديث: إنما البيع عن تراض رواه ابن حبان" انتهى.
فمن احتاج إلى هذه الصحون، أو كسِل عن ردها، فإنه يتصل مع أصحاب المطعم، ويطلب شراءها، فإن رضوا، فلا حرج، وإلا لزمه ردها.
والله أعلم.
تعليق