الحمد لله.
أولاً:
لصقة إزالة الشعور بالجوع والعطش عبارة عن لصقة طبية تعرف باسم (diet patches) توضع على الجلد، وتتكون من عدة مواد كيميائية تعمل عملها في إزالة الشعور بالشهية، وتقليل كمية المياه التي يفقدها الجسم، وتستخدم غالباً لغرض تخفيف الوزن في عملية الرجيم.
وقد ذكر المختصون أنّ المواد الأساسية والفاعلة للصقة النموذجية طبياً تتكون من عدة مواد لكل مادة دور تقوم به، وبمجموع هذه المواد تؤدي اللصقة مفعولها في إزالة الشعور بالجوع والعطش، والتقليل من الشهية.
ومن خلال التحليل الطبي في طبيعة عمل المواد المكونة لهذه اللصقة، فإنّه يتبين أنّها لا تمد الجسم بطاقة غذائية، بقدر ما تمنع شعوره بالجوع والعطش من خلال تقليل الرغبة والشهية (انظر: المفطرات الطبية المعاصرة، ص: 333-334).
ثانياً:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ ما يدخل الجسم عن طريق الجلد امتصاصاً من المسام لا يُفَطِّر الصائم، واستدلوا بحديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ" رواه البخاري (1825) ومسلم (1109). ووجه الدلالة أن الماء يخترق المسام ولو كان يفطر لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الصوم، ولقدم فعله قبل الفجر.
وبأثر ابن مسعود أنه قال: "إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا" رواه البخاري معلقاً، كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم.
وبأثر أبي هريرة قال: "إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا، فَلْيَدَّهِنْ حَتَّى لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ صَوْمِهِ" رواه ابن أبي شيبة، (9755).
قال الزيلعي رحمه الله في حديثه عما لا يفسد الصوم: "أو ادَّهَن ... لم يُفْطِرْ" "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/322).
وقد اتفق أعضاء المجمع الفقهي على كون المراهم والكريمات واللصقات العلاجية غير مُفَطِّرة. (انظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد العاشر، ج2، ص 454.)
كما أثبت الطب الحديث عدم وجود علاقة بين ما يدخل من مسام الرأس أو غيرها بالجهاز الهضمي، وما يجده الإنسان من طعم في حلقه إنما هو من حلمات عصب التذوق وليس لوصول المادة إلى الحلق. (مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ج2، ص262).
ثالثاً:
لصقة إزالة الشعور بالجوع والعطش غير مُفَطِّرة، لما يأتي:
1. أنّ ما يدخل عن طريق المسام لا يؤثر على صحة الصوم كما تقرر سابقاً، وهو حقيقة هذه اللصقة.
2. أنها ليست أكلاً ولا شرباً، ولا تقوم مقامهما بتغذية البدن.
3. أنّ تَقَصد عدم الشعور بالجوع والعطش لا يؤثر على صحة الصوم فقد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتبرد بالماء وهو صائم لإزالة الشعور بالتعب، فقد ثبت عند أبي داود: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ، أَوْ مِنَ الحرِّ" رواه أبو داود (2365) وصححه الألباني.
كما ثبت أنَّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يفعلون ذلك، فقد روى البخاري "أنّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يبُلّ الثوب ويلقيه على نفسه وهو صائم" رواه البخاري معلقاً، كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه قال: "إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ، وَأَنَا صَائِمٌ." رواه البخاري معلقاً، كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم. والأبزن: حوض صغير من فخار.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم يتقصدون التخفيف من وطأة الصوم، فإنَّ اللصقة التي تزيل الشعور بالجوع والعطش نظير هذه الصورة.
4. أنَّ القول بالتحريم لمنافاتها الحكمة غير مُسَلم، وذلك أنّ الحِكم مقاصد مستنبطة، ولا تُربط بها الأحكام، وإنما تُربط بالعلل التي هي أوصاف ظاهرة ومنضبطة. (انظر: المفطرات الطبية المعاصرة، ص: 333-338).
5. جاء في قرار المجمع الفقهي (رقم: 219) في دورته الثالثة والعشرين بالمدينة المنورة، خلال الفترة من: 19-23 صفر 1440هـ، استكمالًا لقرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 93(10/1) بشأن المفطرات في مجال التداوي.
- ما لا يفسد معه الصيام:
4- لصقة إزالة الشعور بالجوع.
والله أعلم
تعليق