الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

لم تقم بعمل الأشعة للجنين ومات، فهل عليها شيء؟

500656

تاريخ النشر : 19-05-2024

المشاهدات : 1055

السؤال

كنت حامل بالشهر الثامن وامور الجنين مستقره ولاكن الحركه بطيئه طلب مني الطبيب تحاليل واشعه وقمت بعمل التحليل ولم اقم بعمل الاشعه لاني استشعرت حركه الجنين وتوفي في بطني بعد ٦ سعات هل لو كنت عملت الاشعه وولدته كان زمانه عايش ولا كان هيموت فكل الاحوال اشعر بالذنب وحرقه القلب واني سبب فموته رغم اهتمامي الشديد بيه طول فتره الحمل وتعبت فيه تعب شديد جدا وقدر الله وولدته ميت

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا لم تقومي بعمل الأشعة المطلوبة، فلا حرج عليك، ولا يعتبر هذا تسببا في الوفاة، وذلك أن التداوي في الجملة ليس واجبا، بل هو مستحب أو مباح، فلو أن المريض لم يأخذ الدواء، أو ترك عمل الأشعة، أو إجراء العملية، ونحو ذلك، فمات، أو مات حمله، لم يكن آثما.

قال شيخ الإسلام رحمه الله عن التداوي: " ليس بواجب عند جماهير الأئمة إنما أوجبه طائفة قليلة من أصحاب الشافعي وأحمد " نقله السفاريني في غذاء الألباب (1/ 459).

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "امرأة حامل في الشهر الأخير، راجعت المستشفى، فطلبوا منها ِأن تدخل في المستشفى (تنوم) لأمرٍ يشكل خطورة على الطفل، يتعلق بارتفاع السكر عندها، فامتنعت، خشية أن يتعورها الأطباء. ثم راجعتهم بعد فتره، فتبين أن الطفل قد مات. فهل عليها شيء؟

فأجاب: لاشيء عليها" انتهى من "ثمرات التدوين" ص 126

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (21/ 404): "كنت حاملا في الشهر التاسع، وشعرت ببعض الآلام التي ألزمتني مراجعة المستشفى، وأفادني الطبيب المختص بإجراء عملية جراحية سريعة لإنقاذ الجنين، حيث تتعذر الولادة بطريقة طبيعية، رفضت تلك العملية وأفادني الطبيب؛ بأنه إذا لم أوافق على إجراء العملية بهذه السرعة فإن ذلك خطر على الجنين، وربما يتعرض للوفاة، وفعلا قد توفي في بطني بعد أيام قلائل.

فضيلة الشيخ: هل علي إثم في ذلك وأعتبر نفسي بأنني قد تسببت في وفاته نظراً لرفضي العملية التي سوف تكون إنقاذاً لحياته المهددة بالخطر بمشيئة الله حسب إفادة الأطباء، وهل ذلك يوجب علي الكفارة، بصيام شهرين متتالين؟

الجواب: إذا كان الواقع ما ذكر في السؤال، فليس عليك شيء في وفاة الجنين؛ لأنه لا يعتبر تركك العملية تفريطاً في حياته ولا تسببا في وفاته؛ ولأن العملية قد لا يتحقق منها المقصود الذي ذكره الطبيب، والأصل براءة الذمة، والحمد لله.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

بكر بن عبد الله أبو زيد ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز "انتهى.

ثانيا:

الآجال مقدرة معلومة، لا تموت نفس قبل أجلها، كما قال تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ الزمر/42

وروى مسلم (2663) عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  قَدْ سَأَلْتِ اللهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ، أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّهِ، وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ، أَوْ عَذَابٍ فِي الْقَبْرِ، كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ.

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن رُوح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 2085

فلن يموت إنسان قبل أجله، ولا يصح أن يقال هنا: لو ولدته هل كان سيعيش؟ فإن الله قدر أنه سيموت داخل البطن، وهذا قضاء لا يتغير، فلا يقال: لو ولدته، فإن هذا سؤال عما قدّر الله أنه لا يقع.

وهذا كقول بعض أهل الضلال: إن المقتول لو لم يقتل لعاش!

قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله في شرح الطحاوية (1/ 127): "فالمقتول ميت بأجله، فعلِم الله تعالى وقدر وقضى أن هذا يموت بسبب المرض، وهذا بسبب القتل، وهذا بسبب الهدم، وهذا بسبب الحرق، وهذا بالغرق، إلى غير ذلك من الأسباب. والله سبحانه خلق الموت والحياة، وخلق سبب الموت والحياة.

وعند المعتزلة: المقتول مقطوع عليه أجله، ولو لم يقتل لعاش إلى أجله، فكان له أجلان.

وهذا باطل، لأنه لا يليق أن ينسب إلى الله تعالى أنه جعل له أجلا يعلم أنه لا يعيش إليه ألبتة، أو يجعل أجله أحد الأمرين، كفعل الجاهل بالعواقب" انتهى.

فطيبي نفسا، واحتسبي ما أصابك عند الله، وسليه أن يخلف عليك خيرا.

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب