الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

أغلب الخدمات تشترط غرامة على التأخر في السداد، فكيف يفعل؟

504521

تاريخ النشر : 07-07-2024

المشاهدات : 1072

السؤال

أنا أعيش في أوروبا، وجميع العقود هنا يترتب عليها ضرائب في حال التأخير عن الدفع، زيادة على التأخير، كقسط الكهرباء، وقسط الماء، وإيجار البيت، وشريحة الاتصالات، فماذا أصنع إن لم يكن هناك خيار؟ وإذا سجلت عقد شريحة اتصالات شهري لمدة سنتين، وأدفع عليها مبلغ ٢٠ يورو على سبيل المثال، فهل يجوز لي أن آخذ مع هذه الشريحة ـ في نفس العقد ـ هاتفا، فالكثير من شركات الاتصالات تعرض هاتفا مع الشريحة، وأدفع فقط قيمة الشريحة، علما أن العقد كما أسلفت فيه ضريبة بحال التأخير، ولكن لا توجد عقود بدون ضريبة في كل أوروبا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز اشتراط غرامة على التأخير في البيع الآجل، أو الإجارة، أو سائر الديون؛ لأن الزيادة المشترطة على الدين ربا مجمع على تحريمه.

ولا يجوز قبول هذا الشرط، ولو كان المشتري أو المستأجر عازما على السداد؛ لأن ذلك يعني إقرارا للربا، والتزاما به، ثم قد يتأخر لسبب ما فيلزم بدفع الفائدة.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن بطاقات الائتمان:

"لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة، ولا التعامل بها، إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد ضمن فترة السماح المجاني " انتهى.

ثانيا:

يستثنى من ذلك أمران:

الأول:

من يعيش في بلاد لا توجد فيها الخدمات إلا مع وجود الشرط الربوي، فيجوز الدخول في العقد، مع العزم على السداد في الوقت، وبذل الأسباب التي تجنبه دفع الفائدة؛ لأن هذه الحاجة الماسة تنزل منزلة الضرورة.

وقد سبق أن عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

" بطاقة الفيزا تشتمل على شرط ربوي إذا تأخرت عن التسديد جعلوا عليّ غرامة.

لكن المكان الذي أقيم فيه في أمريكا، لا يمكن لي أن أستأجر سيارة ولا محلا، وكثير من الخدمات العامة لا تمكن إلا ببطاقة الفيزا، وإذا لم أتعامل بها أقع في حرج كبير لا أطيقه، فهل التزامي بالتسديد في وقت معين حتى لا يصبح عليّ ربا يبيح لي التعامل بهذه البطاقة في وضع الحرج الذي أعيش فيه؟

فأجاب بما يلي:

" إذا كان الحرج متيقنا، واحتمال التأخير عن التسديد ضعيف، فأرجو ألا يكون فيها بأس.

سؤال: هل الشرط الربوي الفاسد يُبطل العقد أم لا؟

الجواب: وإن كان في العقد شرط باطل، فإنه لا يُبطل العقد لأمور:

(1) الضرورة.

(2) ولأنه لا يتحقق، لأن الرجل غالب على ظنه أنه سيوفي، فمن أجل أنه غالب على ظنه أنه سيوفي، والشرط غير متحقق، ومن أجل الضرورة - وهذه هي النقطة الأخيرة والمهمة - فأرجو أن لا يكون في هذا بأس؛ لأن عندنا أمرا متحققا وهو الضرورة، وعندنا أمر مشكوك فيه وهو التأخر، فمراعاة المتيقن أولى. والله أعلم " انتهى.

الثاني:

عقود الإذعان التي لا يملك الداخل فيها تغييرها، كعقود شركات الكهرباء والماء ونحوها، مما لا يستغنى عنه، فيجوز أن يدخل فيها المتعاقد مع اشتمالها على الشرط الباطل، والرخصة في ذلك راجعة أيضا للضرورة والحاجة، كما بينا في جواب السؤال رقم: (259362).

وعليه ؛ فكل ما أمكنك شراؤه بثمن حالٍّ من هاتف أو غيره، فليس لك شراؤه بالتقسيط مع وجود الشرط الربوي، وما لم يمكنك شراؤه إلا بالتقسيط، أو كان خدمة لابد منها، وعقدها مشتمل على الشرط المحرم: فلا حرج عليك حينئذ.

وإن كنت بحاجة إلى شريحة، وكانت الشريحة لا تعطى إلا بعقد فيه الشرط الربوي، فلا حرج حينئذ في أخذ الشريحة، وأخذ الهاتف الذي يعطى معها، والهاتف هنا هدية ترغيبية مع عقد الإجارة.

وإن لم تكوني بحاجة إلى شريحة، أو كان يمكن أخذها بالكاش، فليس لك أخذها بالتقسيط؛ لحرمة التوقيع على الشرط الربوي من غير ضرورة أو حاجة ماسة.

وكون معاملات البلد قائمة على الشرط المحرم، فهذا لا يبيح التساهل والدخول في عقود لا يحتاجها الإنسان، أو يمكنه تحقيق غرضه منها بالشراء بثمن حالٍّ؛ فالضرورة تقدّر بقدرها، والحرام يجب اجتنابه ما أمكن.

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب