الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

ضابط المرض الذي يبيح الفطر، ومن نوى الفطر فأصبح وقد ذهبت شدة المرض هل يلزمه الإمساك؟

506809

تاريخ النشر : 17-04-2024

المشاهدات : 837

السؤال

انا شاب عيش اوضاع صعبة في خيمة مما تسبب لي الرياح باصابتي بالبرد في المعدة
وعدم القدرة على تناول وجبة الافطار والسحور بسبب الالم الشديد والمرض الشديد الذي اصابني من ارتفاع درجة حرارة والم في المعدة وتقيؤ كانت في وقت الليل لحد الفجر
كنت مفطر بسبب المرض في النهار ولم اتناول الا دواء ومياه ولم أخد الدوا وقلت اني لن استطيع الصوم مع هاد المرض الشديد ف صليت الفجر ونمت ولم أخد الدواء على قرار اني افطر في النهار بسبب المرض الشديد ثم استقيظت وعندي ألم ولكن ليس بنفس الحدة السابقة بل يعتبر أخف بكتير فهل يجوز الافطار ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

المرض عذر يبيح الفطر.

قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/183، 184

ويباح الفطر بسبب المرض في أحوال:

1-أن يصحب المرض ألم ومشقة ظاهرة.

2-أن يخاف زيادة المرض بالصوم.

3-أن يخاف تأخر البُرء بسبب الصوم.

4-أن يخاف الصحيح حدوث المرض بالصوم.

5-أن يحتاج المريض إلى الدواء في النهار بحيث لا يمكنه تأخيره إلى الليل.

فكل هذه أعذار تبيح الفطر.

وقال النووي في "المجموع" (6/ 261): " الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ: لا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ. . .

وَهَذَا إذَا لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِالصَّوْمِ، وَلا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى حَالَةٍ لا يُمْكِنُهُ فِيهَا الصَّوْمُ؛ بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا: شَرْطُ إبَاحَةِ الْفِطْرِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالصَّوْمِ مَشَقَّةٌ يَشُقُّ احْتِمَالُهَا " انتهى.

وقال: " وَأَمَّا الْمَرَضُ الْيَسِيرُ الَّذِي لا يَلْحَقُ بِهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ: لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ بِلا خِلَافٍ عِنْدَنَا" انتهى من المجموع (6/ 261).

وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/403) :

"وَالْمَرَضُ الْمُبِيحُ لِلْفِطْرِ: هُوَ الشَّدِيدُ الَّذِي يَزِيدُ بِالصَّوْمِ، أَوْ يُخْشَى تَبَاطُؤُ بُرْئِهِ.

قِيلَ لأَحْمَدَ: مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ ؟ قَالَ : إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ .

قِيلَ : مِثْلُ الْحُمَّى ؟

قَالَ: وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ مِنْ الْحُمَّى ! . . .

وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى الْمَرَضَ بِالصِّيَامِ , كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ زِيَادَتَهُ فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ ; لأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ خَوْفًا مِمَّا يَتَجَدَّدُ بِصِيَامِهِ , مِنْ زِيَادَةِ الْمَرَضِ وَتَطَاوُلِهِ , فَالْخَوْفُ مِنْ تَجَدُّدِ الْمَرَضِ فِي مَعْنَاهُ " انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والمريض له أحوال:

الأول: ألا يتأثر بالصوم، مثل الزكام اليسير، أو الصداع اليسير، أو وجع الضرس، وما أشبه ذلك؛ فهذا لا يحل له أن يفطر، وإن كان بعض العلماء يقول: يحل له لعموم الآية وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا [البقرة: 185].

ولكننا نقول: إن هذا الحكم معلل بعلة، وهي أن يكون الفطر أرفق به، فحينئذ نقول له الفطر، أما إذا كان لا يتأثر، فإنه لا يجوز له الفطر، ويجب عليه الصوم.

الحال الثانية: إذا كان يشق عليه الصوم ولا يضره، فهذا يكره له أن يصوم، ويسن له أن يفطر.

الحال الثالثة: إذا كان يشق عليه الصوم ويضره، كرجل مصاب بمرض الكلى أو مرض السكر، وما أشبه ذلك، فالصوم عليه حرام" انتهى من الشرح الممتع (6/ 341).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "المشروع للمريض الإفطار في شهر رمضان، إذا كان الصوم يضره، أو يشق عليه، أو كان يحتاج إلى علاج في النهار بأنواع الحبوب والأشربة، ونحوها مما يؤكل ويشرب؛ لقول الله سبحانه: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته)، وفي رواية أخرى: (كما يحب أن تؤتى عزائمه) انتهى من مجموع الفتاوى (15/ 211).

ثانيا:

من أفطر لأجل أخذ الدواء فقط، ولم تكن تلحقه مشقة، فإنه يأخذ الدواء، ويمسك بقية اليوم.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " فإذا كان المرض يحصل بتأخير الجرعة عن موعدها، فلا بأس بالإفطار، إذا كان اليوم طويل مثل خمسة عشر ساعة من هذه الأيام، لا بأس أن يأكل الجرعة الحبة التي عينت له، ويفطر بذلك، ويقضي هذا اليوم، يأكلها، ويمسك، ويقضي؛ لأن الإفطار من أجلها، فيمسك ويقضي بعد ذلك.

أما إذا تمكن أن يؤجل، ولا يشق عليه ذلك، فإنه يلزمه التأجيل حتى يأكلها بالليل" انتهى من فتاوى نور على الدرب

وهكذا، إذا لم تنو الصيام من الليل، بل نويت الفطر لأجل المرض، ثم عوفيت في النهار، أو ذهبت عنك مشقة المرض، ولم تحتج إلى الدواء نهارا، فإنه يلزمك الإمساك بقية اليوم، ثم تقضيه.

ولزوم الإمساك هو ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة.

وذهب المالكية والشافعية وأحمد في رواية: إلى أنه لا يلزم المريض إذا برئ الإمساك.

قال البهوتي في الروض المربع ص228: " (وكذا حائض ونفساء طهرتا) في أثناء النهار، فيمسكان، ويقضيان، (و) كذا (مسافر قدم مفطرا) يمسك، ويقضي، وكذا لو برئ مريض مفطرا، أو بلغ صغير في أثنائه مفطرا: أمسك، وقضى" انتهى.

وينظر: الموسوعة الفقهية (28/ 79).

ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عدم وجوب الإمساك، واحتج بقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من أكل أول النهار، فليأكل آخره أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 54).

وقال: " والقاعدة على هذا القول الراجح أن من أفطر في رمضان لعذر يبيح الفطر، ثم زال ذلك العذر أثناء النهار، لم يلزمه الإمساك بقية اليوم" انتهى من الشرح الممتع (6/ 335).

فإن أمسكت بقية اليوم فخير، وإن لم تمسك فلا شيء عليك، ويلزمك القضاء في الحالين.

ونسأل الله أن يتم شفاءك وعافيتك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب