الحمد لله.
أولا:
ذكر الفقهاء أن القِران: أن ينوي الحج والعمرة معا عند الإحرام، أو أن ينوي العمرة ثم يدخل عليها الحج- أي ينوي الحج-، قبل الشروع في طواف العمرة.
والمقصود بالشروع في الطواف: أن يبدأ في الأشواط، ولو بخطوة.
ومجرد "نية الطواف": ليست شروعا فيه؛ فالشروع فيه، هو البدء الفعلي فيه؛ ولو بخطوة.
فإذا شرع في الطواف، لم يمكنه إدخال الحج على العمرة، ولم يصر قارنا.
هذا مذهب الجمهور.
وذهب المالكية إلى أنه إذا لم يصلّ الركعتين بعد الطواف: جاز- مع الكراهة- أن يدخل الحج على العمرة ويكون قارنا.
وينظر: الموسوعة الفقهية (2/ 137).
قال الحطاب في مواهب الجليل (3/ 53): "قال في المدونة في كتاب الحج الأول: فإذا طاف بالبيت، ولم يركع: كُره له أن يردف الحج.
فإن فعل: لزمه، وصار قارنا، وعليه دم القران، انتهى" انتهى.
وينظر: التاج والإكليل (4/ 75).
وذهب بعض الحنابلة إلى صحة إدخال الحج على العمرة بعد طوافها، وأفتى به الشيخ ابن عثيمين.
وينظر: مفيد الأنام، للشيخ عبد الله الجاسر رحمه الله (1/ 106)، مجموع فتاوى ابن عثيمين (22/ 474).
ثانيا:
من تبين أن طوافه لم يصح، لأنه كان على غير طهارة، فلا يعتبر قد شرع في الطواف؛ لأن الطواف الفاسد كعدمه.
فله أن يدخل الحج على العمرة، ويكون قارنا.
ثالثا:
رطوبة الفرج تنقض الوضوء، في قول جمهور الفقهاء، إلا أن تكون مستمرة، فلا تنقض، لكن يلزم الوضوء بعد دخول الوقت.
وقال ابن حزم: إن الرطوبة لا تنقض الوضوء.
وينظر: جواب السؤال رقم (44980)
وإذا كنتِ أديتِ العمرة قبل سنتين، معتمدة على قول من قال إن الرطوبة لا تنقض الوضوء، فعمرتك صحيحة، عملا بقول ابن حزم رحمه الله.
هذا إذا كانت الرطوبة تخرج أحيانا، وتحققتِ خروجَها قبل الطواف أو أثناءه.
وأما إذا كانت الرطوبة مستمرة، وتوضأتِ بعد دخول الوقت، فطوافك صحيح عند الجمهور.
وكذا لو كانت الرطوبة غيرَ مستمرة، ولم تتيقني خروجها قبل الطواف أو أثناءه، فطوافك صحيح عند الجمهور، ولا عبرة برؤية الرطوبة بعد الطواف؛ لاحتمال خروجها بعده، والأصل إضافة الحدث لأقرب أزمانه.
وعلى هذا؛ فلا داعي للشك في عمرتك، وترتيب الأحكام على أنك لازلت محرمة، ففي ذلك عنت ومشقة، خاصة وأنه يبعد أنك لم ترتكبي محظورا من محظورات الإحرام خلال سنتين، كالطيب وقص الشعر وقلم الأظافر، سواء فعلت ذلك عامدة عالمة، أو جاهلة أو ناسية.
ثم إنه على فرض عدم الطهارة أثناء الطواف، فإن الطواف يصح في مذهب الحنفية وأحمد في رواية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فعمرتك صحيحة على كل حال، وأنت بالخيار إن أردت الحج أن تحجي متمتعة، فتحرمين بعمرة ثم تتحللين منها، ثم تحرمين بالحج.
وإن شئت أن تحجي مفردة أو قارنة، فذلك لك.
رابعا:
إن أبيت إلا العمل على فساد طوافك، وأنك لا زلت محرمة، فلك خياران:
1-أن تدخلي مكة بلا إحرام جديد، فتتمي عمرتك الأولى، بأن تطوفي وتسعي، وتقصري .
ويلزمك الفدية عن كل محظور فعلتِه عالمة عامدة، كالطيب، أو قص الشعر، أو قلم الظفر.
ثم إن أتممت عمرتك، وأحرمت بالحج، فأنت مفردة؛ لأن شرط التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، وأن يحج في نفس العام، وعمرتك إنما كان إحرامها قبل سنتين.
والعبرة بإحرام العمرة، لا بالإتيان بالتحلل منها.
قال في كشاف القناع (2/ 413): " (الثاني: أن يعتمر في أشهر الحج، والاعتبار بالشهر الذي أحرم) بها (فيه، لا) بالشهر (الذي حل) منها (فيه، فلو أحرم بالعمرة في) شهر (رمضان، ثم حل) منها بأن طاف وسعى وحلق أو قصر (في شوال: لم يكن متمتعا) ؛ لأن الإحرام نسك يعتبر للعمرة، أو من أعمالها، فاعتُبر في أشهر الحج، كالطواف.
(وإن أحرم الآفاقي) ... (بعُمرة في غير أشهر الحج)، كرمضان مثلا، (ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج، وحج من عامه): فهو (متمتع. نصا)؛ لأنه اعتمر وحج في أشهر الحج من عامه، (وعليه دم)؛ لعموم الآية، وهذا قول الموفق والشارح، على اختيارهما الآتي بيانه في الشرط السادس.
(الثالث: أن يحج من عامه) لما سبق" انتهى.
وعلى ذلك؛ فإن أردتِ التمتع، فاعتمري من التنعيم بعد إتمام عمرتك الأولى.
ولك أن تحجي قارنة، فتنوين الحج والعمرة معا.
2-ولك ألا تتمي عمرتك، بل تنوين في الميقات الحج، فتدخلين الحجَّ على العمرة، وتكونين قارنة، كما تقدم.
والله أعلم.
تعليق