الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

هل ثبت استحباب قراءة الفاتحة والمعوذات سبع مرات عقب صلاة الجمعة؟

509217

تاريخ النشر : 13-06-2024

المشاهدات : 8636

السؤال

ما صحة حديث مسبعات الجمعة التالي: "مسبعات الجمعة: يستحب بعد صلاة الجمعة مباشرة قراءة سورة الفاتحة، والإخلاص، والمعوذتين سبع مرات ‎أخرج البيهقي في "الشعب" (2577) رُوِيَ عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قَالَتْ: "مَنْ قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، حُفِظَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى"؟ وهل يُعمل به في فضائل الأعمال؟

الجواب

الحمد لله.

روى البيهقي في "شعب الإيمان" (4/170)، و في "فضائل الأوقات" (ص503)، قال: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بْنُ عَوْنِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: ( مَنْ قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )، وَ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) سَبْعَ مَرَّاتٍ، حُفِظَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى ).

وَرَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ بِإِسْنَادِهِ مَوْقُوفًا، وَقَالَتْ: ( مَنْ ‌قَرَأَ ‌بَعْدَ ‌الْجُمُعَةِ ).

وبنحو هذا رواه وكيع عن أبي العميس المسعودي، كما عند ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص123)، قال: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَوْن بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: ( ‌مَنْ ‌قَرَأَ ‌بَعْدَ ‌الْجُمُعَةِ الْحَمْدُ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )، سَبْعًا سَبْعًا حُفِظَ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى ) قَالَ وَكِيعٌ: فَجَرَّبْنَاهُ، فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ.

وهذا الخبر رواته ثقات، لكن لم يثبت سماع عون من أسماء.

قال ابن سعد رحمه الله تعالى عن عون:

" وكان ثقة كثير الإرسال " انتهى من "الطبقات الكبرى" (8 / 430)

وقال العلائي رحمه الله تعالى:

" عون ‌بن ‌عبد ‌الله بن عتبة بن مسعود، عن عم أبيه عبد الله بن مسعود وهو مرسل، قاله الترمذي والدارقطني، وذلك واضح.

وعن ابن عمر أخرجه مسلم، وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم.

وقد قيل: إن روايته عن جميع الصحابة مرسلة، حكاه في التهذيب " انتهى. "جامع التحصيل" (ص249).

ومع هذا فقد رواه ابن أبي شيبة بنفس الطريق بدون ذكر العدد سبعة.

فروى ابن أبي شيبة في "المصنف" (16/283)، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ عَوْنٍ، قَالَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ: ( مَنْ ‌قَرَأَ ‌بَعْدَ ‌الْجُمُعَةِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، و( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )، وَ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )، وَ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) حفِظَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى ).

وبنحو هذا رواه أبو عبيد من طريق حجاج بن أرطاة عن عون بن عبد الله.

فروى أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص272)، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ ‌عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنها، قَالَتْ: ( مَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ ثُمَّ قَرَأَ بَعْدَهَا ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حُفِظَ، أَوْ كُفِيَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ إِلَى مِثْلِهِ ).

وقد ورد من حديث عائشة رضي الله عنها.

كما رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص 228)، وغيره: عن الْخَلِيل بْن مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ قَرَأَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )، وَ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )، وَ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) سَبْعَ مَرَّاتٍ، أَعَاذَهُ اللَّهُ عز وجل مِنَ السُّوءِ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى ).

وهذا إسناد ضعيف لضعف الخليل بن مرة.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" الخليل بن مرة الضبعي البصري... وكان من الصالحين.

قال أبو زرعة: شيخ صالح.

وقال البخاري: منكر الحديث.

وقال أبو حاتم: ليس بقوى.

وقال ابن عدي: ليس بمتروك.

قيل: مات سنة مات شعبة وفد ضعفه يحيى بن معين " انتهى من "ميزان الاعتدال" (1/ 615).

وقد ورد فيه مراسيل ضعيفة عن مكحول والزهري.

وفي كلامه عن حديث عائشة، قال ابن علان رحمه الله تعالى:

" قال الحافظ: سنده ضعيف … وله شاهد من مرسل مكحول، أخرجه سعيد بن منصور في "السنن" عن فرج بن فضالة عنه، وزاد في أوله: فاتحة الكتاب. وقال في آخره: ( كفر الله عنه ما بين الجمعتين وكان معصوما )، وفرج ضعيف أيضا… " انتهى من "الفتوحات الربانية" (4/232).

وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (369) ، وابن شاهين في "الترغيب" (314/ 2)، وأبو محمد المخلدي في "الفوائد" (3/ 235/ 1)، وأبو محمد الخلال في "فضائل سورة الإخلاص" (194-195) عن الخليل بن مرة، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن عائشة مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل الخليل بن مرة؛ فإنه ضعيف؛ كما جزم به في "التقريب".

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" عن مكحول مرسلا … وهو مع إرساله؛ فيه فرج بن فضالة؛ وهو ضعيف.

وأخرجه بهذه الزيادة: أبو الأسعد القيشري في "الأربعين" من طريق أبي عبد الرحمن السلمي، عن محمد بن أحمد الرازي، عن الحسين بن داود البلخي، عن يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس مرفوعا...

وهذا موضوع؛ آفته البلخي هذا؛ قال الخطيب في "التاريخ" (8 / 44):

" لم يكن ثقة؛ فإنه روى نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس؛ أكثرها موضوع "...

وأبو عبد الرحمن السلمي؛ صوفي متهم بوضع الأحاديث للصوفية " انتهى من "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (9/132).

الخلاصة:

الذي يترجح أن أقوى ما ورد في قراءة الفاتحة والمعوذات سبع مرات عقب الجمعة، هو خبر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، لكن إسناده منقطع، وفي متنه اضطراب أيضا.

وأما تلاوة سورة الإخلاص والمعوذتين مرة واحدة، فقد جاء ما يدل على مشروعيتها عقب كل صلاة، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (115073).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب