الحمد لله.
أصل الإشكال في هذه المسألة هو النهي الوارد في حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه ولا يتمسح بيمينه) رواه البخاري (152).
وقد اتفق أهل العلم على أنّ الاستنجاء باليمين منهي عنه، فمنهم من قال إن النهي للتحريم، وهو قول ابن حزم، ورجحه ابن عبد البر والشوكاني.
ومنهم من قال إنه للكراهة، وهو قول جمهور أهل العلم. انظر: "موسوعة أحكام الطهارة" للدبيان (7/ 270).
قال المغربي رحمه الله:
"وقد أجمع العلماء على أنه منهيّ عن الاستنجاء باليمين، والجمهور على أنه نَهْى تنزيه، وذهب أهلُ الظاهر إلى أنه حرام، وأشار إليه جماعة من الشافعية" انتهى من "البدر التمام شرح بلوغ المرام" (2/ 69).
قال العيني رحمه الله:
" قوله ولا يتمسح بيمينه: النهي فيه للتنزيه عند الجمهور؛ خلافا للظاهرية" انتهى من
"عمدة القاري" (2/ 296).
ثانياً:
ذكره بعض أهل العلم إشكالا متعلقا بهذا الأدب، مفاده: كيف يستنجي أو يستجمر بالشمال، ولا يمس ذكره باليمين؟
وقد ذكر بعضهم مخارج شتى عن هذا الإشكال، وبعضها متكلف وغير قابل للتطبيق.
ينظر: "معالم السنن" (1/ 23) للخطابي، و"فتح الباري" (1/ 254).
وقال ابن حجر العسقلاني رحمه الله:
"والصواب…ما قاله إمام الحرمين ومن بعده كالغزالي في الوسيط والبغوي في التهذيب: أنه يُمِرُّ العضو بيساره، على شيء يمسكه بيمينه، وهي قارَّة غير متحركة؛ فلا يُعدُّ مستجمرا باليمين، ولا ماسا بها. ومن ادعى أنه في هذه الحالة يكون مستجمرا بيمينه فقد غلط؛ وإنما هو كمن صب بيمينه الماء على يساره حال الاستنجاء" انتهى من "فتح الباري" (1/ 254).
وقال شرف الدين الطِّيبي، رحمه الله:
" من دخل الخلاء: الأغلب أن يُبتلي بما يخرج من السبيلين.
فيكون النهي بمسح اليمين، أي الاستنجاء بها: مختصاً بالدبر. ونهي المس: مختصاً بالقبل.
ويُعلم منه: أنه إذا أخذ الحجر باليمين، ومسح بشماله ذكره عليه: لم يُكره". انتهى، من "شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن" (3/ 771). وينظر: "فتح الباري لابن حجر" (1/ 254).
وقيل: إن المراد النهي عن مباشرة اليمين للنجاسة، أما إذا حمل الحجر ونحوه باليمين، واستجمر بها؛ فلا يدخل في النهي، وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"ولا يكره الاستعانة باليمين في الماء، لأنّ الحاجة داعية إليها، فإن استجمر بيمينه أجزأه لأن الاستجمار بالحجر لا باليد، فلم يقع النهي على ما يستنجى به" انتهى من "تعليقات ابن عثيمين على الكافي" (1/ 167 بترقيم الشاملة).
وعليه؛ فإن استجمارك بالمناديل باليد اليمنى لا شيء فيه، وهو أقرب الصور المذكورة عملياً، مع النهي عن مس الذكر باليمين.
والله أعلم.
تعليق