الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما حكم التبرك بالحجر الأسود؟

520898

تاريخ النشر : 25-07-2024

المشاهدات : 1874

السؤال

قرأت عن التبرك المشروع، فوجدت التبرك بماء زمزم وآثار النبي وبالحجر الأسود، فكيف يتبرك بالحجر الأسود؟ وما هي الأشياء التي يجوز التبرك بها والتي لا يجوز التبرك به؟

الجواب

الحمد لله.

المشروع مسح الحجر الأسود وتقبيله، تعبدا لله تعالى، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

ولا يشرع التبرك به؛ أي: اعتقاد أن فيه بركة تنتقل للماسح عليه، أو المقبّل له.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "ما حكم التمسك بالكعبة المشرفة، ومسح الخدود عليها، ولحسها باللسان، ومسحها بالكفوف ثم وضعها على صدر الحاج؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا من البدع التي لا تنبغي، وهي إلى التحريم أقرب؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وغاية ما ورد في مثل هذا الأمر هو الالتزام، بحيث يضع الإنسان صدره وخده ويديه على الكعبة، فيما بين الحجر الأسود والباب، لا في جميع جوانب الكعبة كما يفعله جهال الحجاج اليوم.

وأما اللحس باللسان أو التمسح بالكعبة، ثم مسح الصدر به أو الجسد: فهذه بدعة بكل حال؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وبهذه المناسبة أود أن ألفت نظر الحجاج إلى أن المقصود بمسح الحجر الأسود والركن اليماني: هو التعبد لله تعالى بمسحهما، لا التبرك بمسحهما، خلافاً لما يظنه الجهلة، حيث يظنون أن المقصود هو التبرك، ولهذا ترى بعضهم يمسح الركن اليماني أو الحجر الأسود ثم يمسح بيده على صدره أو على وجهه أو على صدر طفله أو على وجهه، وهذا ليس بمشروع، وهو اعتقاد لا أصل له.

ففرق بين التعبد والتبرك.

ويدل على أن المقصود التعبد المحض، دون التبرك: أن عمر رضي الله عنه قال وهو عند الحجر: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك).

وبهذه المناسبة أيضاً أود أن أُبين أن ما يفعله كثير من الجهلة: يتمسحون بجميع جدران الكعبة وجميع أركانها: فإن هذا لا أصل له، وهو بدعة ينهى عنها.

ولما رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما معاوية رضي الله عنه يستلم الأركان كلها: أنكر عليه. فقال له معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً! فأجابه ابن عباس: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)؛ وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الركنين اليمانيين، فرجع معاوية إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما.

فدل هذا على أن مسح الكعبة، أو التعبد لله تعالى بمسحها، أو مسح أركانها: إنما هو عبادة يجب أن تُتبع فيها آثار النبي صلى الله عليه وسلم فقط" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (4/ 2).

وسئل رحمه الله: "التبرك بالحجر الأسود هل فيه شرك؟

فأجاب: إي نعم؛ شرك، لكنه ليس أكبر، إلا إذا اعتقد أنه ينفع ويضر.

أما إذا قصد أنه بركة؛ لأنه محل عبادة، فهذا شرك أصغر.

لكن لو اعتقد أنه حجر ينفع، مثلما تنفع أحجار المشركين: صار شركا أكبر نعم" انتهى من شرحه على القواعد المثلى.

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: "والكعبة نفسها، زادها الله تشريفًا: لا يتبرك بها؛ ولهذا لا يقبل منها إلا الحجر الأسود فقط، ولا يمسح منها إلا هو والركن اليماني فقط.

وهذا المسح والتقبيل: المقصود منه طاعة رب العالمين، واتباع شرعه؛ ليس المراد أن تنال اليد البركة في استلام هذين الركنين، وقد قال الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قبل الحجر الأسود: "والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك" رواه البخاري (1597) ...

والتزام الكعبة المعروف: ليس من التمسح بحال؛ إنما هو إلصاق الخد والصدر واليدين؛ اشتياقًا تارة، وأسفًا على الفراق تارة، وذلاً لله تعالى وخشية تارة أخرى" انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (5/ 11).

ثانيا:

"البركة من الله تعالى، وقد جعل البركة في بعض الذاوت والأشياء، كآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وماء زمزم، "وقد قال النبي ﷺ : (وبارك لي فيما أعطيت) فإنها تطلب من الله تعالى، فهو مصدر البركة، ونحن نقول: "تبارك وتعالى" يعني: كمُلت بركته، وعظمت بركته، كثر خيره وإحسانه إلى خلقه، وخيره هو الذي يدوم، وإذا شاء أن يكثر خيراً فلا راد لفضله، فهو المبارك حقاً، لا يبارك أحد من الناس، وإنما الله هو الذي يبارك، ولهذا كان كتابه مباركاً، ورسوله مباركاً، وبيته مباركاً، والأزمنة والأمكنة التي شرفها واختصها عن غيرها مباركة.

وإذا طلب أحد البركة من غير الله، فإنه كمن طلب الرزق من غير الله، فطلب البركة من غير الله تعالى شرك، ومن اعتقد أن شخصاً هو الذي يبارك فقد أشرك بالله تعالى.

والأشياء المباركة من الأعيان، والأقوال، والأفعال، والأشخاص، ونحو ذلك، إنما كانت مباركة لأن الله جعل فيها بركة، وهي سبب للبركة، وليست واهبة للبركة، كما أن العبد يستخدم الأدوية والرقى وهي سبب للشفاء، وليس الدواء واهب الشفاء، وإنما الله هو الذي يشفي، وما ذكر الشرع أن فيه بركة، فيستعمل استعمال السبب، قد يتخلف وقد يحصل". انتهى .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب