الحمد لله.
تجب الفدية على من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام ، وهو عالم بتحريمه ، أما من لا يعلم ، فلا شيء عليه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “فاعل المحظورات ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يفعلها لحاجته إليها، فهذا ليس عليه إثم، ولكن عليه الفدية، أو الكفارة.
القسم الثاني: أن يفعلها ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً، فهذا ليس عليه شيء، لا إثم ولا فدية، ولكن متى زال عذره وجب عليه التخلي، فإذا كان ناسياً فإنه متى ذكر يجب عليه أن يتخلى عن المحظور، وإذا كان جاهلاً فمتى علم وجب عليه أن يتخلى عن المحظور.
القسم الثالث: أن يفعلها لا لحاجة، ولا لعذر من جهل أو نسيان أو إكراه، فهذا آثم وعليه الفدية فيما تجب فيه الفدية” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (56/ 8 بترقيم الشاملة).
وقال رحمه الله: “إذا فعل المحظور وهو معذور، إما جاهلاً أو ناسياً أو نائماً أو مكرهاً: فلا إثم عليه، ولا فدية، لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (الأحزاب: 5). وقال تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (البقرة: 286). فقال الله تعالى: قد فعلت.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ).
وهذه نصوص عامة في محظورات الإحرام وغيرها، تفيد رفع المؤاخذة عن المعذور بالجهل والنسيان والإكراه، وقال تعالى في خصوص الصيد الذي هو أحد محظورات الإحرام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (المائدة: 95). فقيد وجوب الجزاء بكون القاتل متعمداً، والتعمد وصف مناسب للعقوبة والضمان، فوجب اعتباره وتعليق الحكم به، وإن لم يكن متعمداً فلا جزاء عليه ولا إثم” انتهى من “المنهج لمريد العمرة والحج” (ص:33).
وبناء على هذا؛ فإذا كنت تعلم أن المُحرِم: ممنوع من لبس الملابس الداخلية، فعليك الفدية.
وإن كنت لا تعلم أن ذلك من محظورات الإحرام: فلا شيء عليك .
ثانياً:
من فعل شيئا من محظورات الإحرام– غير الجماع وقتل الصيد- فعليه فدية الأذى .
وفدية الأذى على التخيير: ذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام؛ لقوله تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ البقرة/196.
ولحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه لما احتاج أن يحلق رأسه وهو محرم، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةًرواه البخاري (4190).
ثالثاً:
من اختار الصيام كفارة لفعل المحظور فإنّه يصوم في أي مكان، ومن اختار الإطعام أو ذبح شاة، فإنه يفعله في الحرم أو في مكان فعل المحظور.
قال السرخسي رحمه الله: “فإن اختار الصيام: يصوم في أي موضع شاء، من الحرم أو غير الحرم؛ لأن الصوم عبادة في كل مكان” ” انتهى من “المبسوط للسرخسي” (4/ 75).
قال البهوتي رحمه الله: ” وفدية الأذى، أي الحلق واللبس ونحوهما، وكل محظور فعله خارج الحرم= حيث وُجِد سببه، من حِل أو حَرَم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نحر هديه في موضعه بالحديبية، وهي من الحل، ويجزئ بالحرم أيضا.
ويجزئ الصوم .. بكل مكان؛ لأنه لا يتعدى نفعه لأحد، فلا فائدة لتخصيصه “ انتهى من “الروض المربع” (ص265).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “ويجزئ الصوم بكل مكان، وذلك لأن الصوم لا يتعلق بنفع أحد فيجزئ في كل مكان” انتهى من “الشرح الممتع” (7/ 208).
رابعاً:
عمرة التمتع عبادة مستقلة عن الحج، ولذا فإنّ عليك أن تكفّر عن فعل المحظور بفديتين ، فدية للعمرة ، وفدية للحج.
فإن كان اختيارك الصوم كفارة عن لبس الملابس الداخلية حال الإحرام: فعليك أن تصوم ستة أيام، ثلاثة أيام عن لبسها في العمرة، وثلاثة أيام عن لبسها في الحج.
والله أعلم.
تعليق