الأحد 3 ربيع الآخر 1446 - 6 اكتوبر 2024
العربية

هل صح قول أبي بكر: (من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت)؟

524579

تاريخ النشر : 01-10-2024

المشاهدات : 464

السؤال

ما صحة الأثر التالي عن أبي بكر الصديق؟

” أيها الناس، من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وإن الله قد تقدم إليكم في أمره؛ فلا تدعوه جزعًا، وإن الله قد اختار لنبيه ما عنده على ما عندكم، وقبضه إلى ثوابه، وخلف فيكم كتابه، وسنة نبيه؛ فمن أخذ بهما عرف، ومن فرق بينهما أنكر”؟

ملخص الجواب

عبارة: ( من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ) صحيحة ثابتة أخرجها الإمام البخاري في “الصحيح”.

وسائر العبارات: ( وإن الله قد تقدم إليكم في أمره؛ فلا تدعوه جزعًا، وإن الله قد اختار لنبيه ما عنده على ما عندكم، وقبضه إلى ثوابه، وخلف فيكم كتابه، وسنة نبيه؛ فمن أخذ بهما عرف، ومن فرق بينهما أنكر )، ليس لها إسناد صحيح.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

أما عبارة: “من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت”، فهي عبارة ثابتة صحيحة، أخرجها عدد من أئمة الحديث والأخبار، وممن أخرجها الإمام البخاري في “الصحيح” (3668): عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ” … فَحَمِدَ اللهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ. وَقَالَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ، وَقَالَ: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ، قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، قَالَ: وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ … “.

ثانيا:

وأما باقي العبارات: “وإن الله قد تقدم إليكم في أمره؛ فلا تدعوه جزعًا، وإن الله قد اختار لنبيه ما عنده على ما عندكم … “.

فليس لها إسناد ثابت، فيما نعلم.

وقد ساقها أبو الربيع الكلاعي بغير إسناد، في “الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء” (2 / 47)، وكذا أبو اليمن ابن عساكر في “إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر” (ص136).

وقد ساق الخبر كاملا مع إسناده الزبيدي، ونسبه إلى كتاب “الفتوح” لسيف بن عمر، حيث قال الزبيدي رحمه الله تعالى:

” ( … أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لم يمت، وأن الله قد تقدم إليكم في أمره فلا تدعوه جزعا، فإن الله عز وجل قد اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم ما عنده على ما عندكم، وقبضه إلى ثوابه، وخلف فيكم كتابه وسنته وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فمن أخذ بهما عرف، ومن فرق بينهما أنكر، يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط ولا يشغلنكم الشيطان بموت نبيكم، ولا يفتننكم عن دينكم، وعالجوا الشيطان بالخير تعجزوه، ولا تستنظروه فيلحق بكم ويفتنكم).

رواه بطوله سيف بن عمر التميمي في “كتاب الفتوح” له عن عمرو بن تمام، عن أبيه، عن القعقاع.

قال ابن أبي حاتم: سيف متروك.

وأخرجه ابن السكن من طريق إبراهيم بن سعد، عن سيف بن عمر، عن عمرو، عن أبيه.

وقال: سيف بن عمر ضعيف.

قلت: هو من رجال الترمذي، وهو وإن كان ضعيفا في الحديث؛ فهو عمدة في التاريخ مقبول النقل” انتهى. “اتحاف السادة المتقين” (10 / 302).

لكن الصواب هو أن سيف بن عمر متروك الحديث، نعم هو من المعتنين بالتاريخ إلا أنه ليس بحجة فيه، ولا يعتمد على ما تفرد به.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

” سيف بن عمر التميمي الأسدي، له تواليف: متروك باتفاق، وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة. قلت: أدرك التابعين، وقد اتهم، قال ابن حبان: يروي الموضوعات ” انتهى. “المغني في الضعفاء” (1 / 292).

وحكم ببطلان الخبر ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى، حيث قال:

” قعقاع بن عمرو، قال: ( شهدت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فيما رواه سيف بن عمر، عن عمرو بن تمام، عن أبيه، عنه.

وسيف متروك الحديث، فبطل الحديث، وانما كتبنا ذكر ذلك للمعرفة ” انتهى. “الجرح والتعديل” (7 / 136).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب