الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز له الأخذ من لحيته حتى لا يتعرض للأذى؟

السؤال

سيتزوج صديقي في إحدى الدول الإسلامية ، وهو مستقيم ويتبع السنة ( يعفي لحيته ) ، والدولة التي سيسافر إليها تحتجز الأشخاص الملتحين في المطار ثم تقوم الشرطة السرية بمتابعتهم ، وصديقي لا يريد أن يسبب صعوبات لعائلة زوجته ، حيث من المتوقع أن تتم متابعتهم ويتعرضون لمضايقات من قبل الحكومة ، لذلك فإنه يرغب في تهذيب لحيته قليلا لهذه المناسبة فقط ، ثم يطلقها مرة أخرى ، وهو لم يكن ليقصر لحيته لولا الأسباب المذكورة .

الجواب

الحمد لله.

إعفاء اللحية واجب شرعي ، وحلقها محرم ، ; كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم ( 1189 ) .

وقد نقل ابن حزم رحمه الله اتفاق العلماء على أن حلق اللحية لا يجوز .

" المحلى " ( 2 / 189 ) .

وأما حلقها خوفاً من الاعتقال أو تعرض معفيها للأذى : فإن هذا الخوف ليس على درجة واحدة ، فمنه ما يكون ظنّاً راجحاً ، ومنه ما يكون وهماً ، ومنه ما يستوي طرفاه .

ولا يجوز له حلق لحيته أو تخفيفها إلا في حالة الظن الراجح ، ولا يجوز فيما عداه .

ويدخل هذا الفعل في باب الضرورة ، قال الله تعالى : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ) البقرة/173 ، أو في باب الإكراه ، قال الله تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل/106 .

والإكراه المعتبر في هذا : أن يلحقه ضرر من عدم حلقها ، أما مجرد المضايقة والسؤال والتحقيق ، فإن هذه الأمور لا يسلم منها حالق اللحية ، ولا تجيز لصاحبها الوقوع في الإثم .

وللإكراه شروط لا بدَّ من تحققها حتى يجوز للمسلم أن يترخص بفعل الحرام أو قوله إذا حصل له ، ومعرفتها أمر هام لادعاء كثيرين أنهم مكرَهون وليسوا كذلك .

قال ابن قدامة :

ومن شرط الإكراه ثلاثة أمور :

أحدها ‏:‏ أن يكون من قادرٍ .

الثاني‏ :‏ أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه .

الثالث : أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً ‏,‏ كالقتل والضرب الشديد ، والقيد ‏,‏ والحبس الطويل ، فأما الشتم والسب‏‏ فليس بإكراه ، وكذلك أخذ المال اليسير .

فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به‏ :‏ فليس بإكراه ، وإن كان في بعض ذوي المروءات على وجه يكون إخراقا بصاحبه (أي إهانةً) ‏,‏ وغضّاً له وشهرة في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره .

وإن تُوُعِد بتعذيب ولده‏ :‏ فقد قيل ‏:‏ ليس بإكراه ؛ لأن الضرر لاحق بغيره ، والأولى : أن يكون إكراها ؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله ، والوعيد بذلك إكراه ‏,‏ فكذلك هذا ‏.‏

" المغني " ( 7 / 292 ) باختصار .

وإذا كان الأذى يُدفع بتخفيف اللحية فلا يحلقها بل يكتفي بالتخفيف ، فالحلق أشد من التخفيف .

وينبغي التنبه إلى أنه يجب أن يكون محتاجاً إلى السفر لهذا البلد ، أما مع عدم الحاجة إلى ذلك فلا يجوز له حلق لحيته من أجل السفر ، لأنه غير مضطر إلى ذلك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة