الحمد لله.
إعفاء اللحية واجب شرعي ، وحلقها محرم ، ; كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم ( 1189 ) .
وقد نقل ابن حزم رحمه الله اتفاق العلماء على أن حلق اللحية لا يجوز .
" المحلى " ( 2 / 189 ) .
وأما حلقها خوفاً من الاعتقال أو تعرض معفيها للأذى : فإن هذا الخوف ليس على درجة واحدة ، فمنه ما يكون ظنّاً راجحاً ، ومنه ما يكون وهماً ، ومنه ما يستوي طرفاه .
ولا يجوز له حلق لحيته أو تخفيفها إلا في حالة الظن الراجح ، ولا يجوز فيما عداه .
ويدخل هذا الفعل في باب الضرورة ، قال الله تعالى : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ) البقرة/173 ، أو في باب الإكراه ، قال الله تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل/106 .
والإكراه المعتبر في هذا : أن يلحقه ضرر من عدم حلقها ، أما مجرد المضايقة والسؤال والتحقيق ، فإن هذه الأمور لا يسلم منها حالق اللحية ، ولا تجيز لصاحبها الوقوع في الإثم .
وللإكراه شروط لا بدَّ من تحققها حتى يجوز للمسلم أن يترخص بفعل الحرام أو قوله إذا حصل له ، ومعرفتها أمر هام لادعاء كثيرين أنهم مكرَهون وليسوا كذلك .
قال ابن قدامة :
ومن شرط الإكراه ثلاثة أمور :
أحدها : أن يكون من قادرٍ .
الثاني : أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه .
الثالث : أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً , كالقتل والضرب الشديد ، والقيد , والحبس الطويل ، فأما الشتم والسب فليس بإكراه ، وكذلك أخذ المال اليسير .
فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به : فليس بإكراه ، وإن كان في بعض ذوي المروءات على وجه يكون إخراقا بصاحبه (أي إهانةً) , وغضّاً له وشهرة في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره .
وإن تُوُعِد بتعذيب ولده : فقد قيل : ليس بإكراه ؛ لأن الضرر لاحق بغيره ، والأولى : أن يكون إكراها ؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله ، والوعيد بذلك إكراه , فكذلك هذا .
" المغني " ( 7 / 292 ) باختصار .
وإذا كان الأذى يُدفع بتخفيف اللحية فلا يحلقها بل يكتفي بالتخفيف ، فالحلق أشد من التخفيف .
وينبغي التنبه إلى أنه يجب أن يكون محتاجاً إلى السفر لهذا البلد ، أما مع عدم الحاجة إلى ذلك فلا يجوز له حلق لحيته من أجل السفر ، لأنه غير مضطر إلى ذلك .
والله أعلم .
تعليق