الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما حكم دعاء الله بـ (يا سريع)؟

531678

تاريخ النشر : 24-09-2024

المشاهدات : 981

السؤال

هل يجوز الدعاء بقول “يا سريع” بدون تقييده باسم ثان، مثل قول”يا سريع الحساب”، أو “يا سريع الإجابة”، ولو كان هذا التقييد ضمنيا وليس لفظيا؟ أي أن أقول يا سريع وفي نيتي أقصد أنه سريع الحساب وسريع الإجابة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجوز دعاء الله بأسمائه وصفاته، وما يخبر به عنه، نحو: يا كاشف الضر، ويا مجيب دعوة المضطر، ونحو ذلك مما يخبر به عن الله تعالى.

روى البخاري (3024)، ومسلم (1742) : ” عَنْ كِتَابِ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ حِينَ سَارَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ، يُخْبِرُهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ، يَنْتَظِرُ حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: اللهُمَّ، مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ.

وفيه ” سؤال الله تعالى بصفاته الحسنى، وبنعمه السالفة “. “فتح الباري” (6/ 157).

وروى البخاري (2933)، ومسلم (1742) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَحْزَابِ، فَقَالَ: اللهُمَّ، مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ الْأَحْزَابَ، اللهُمَّ، اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ.

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “عمن قال: لا يجوز الدعاء إلا بالتسعة والتسعين اسما ولا يقول: يا حنان يا منان ولا يقول: يا دليل الحائرين فهل له أن يقول ذلك؟

فأجاب:

الحمد لله، هذا القول وإن كان قد قاله طائفة من المتأخرين، كأبي محمد بن حزم وغيره؛ فإن جمهور العلماء على خلافه، وعلى ذلك مضى سلف الأمة وأئمتها، وهو الصواب لوجوه:

أحدها: أن التسعة والتسعين اسما لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم…

الوجه الثاني: أنه إذا قيل بتعيينها، على ما في حديث الترمذي مثلا؛ ففي الكتاب والسنة أسماء ليست في ذلك الحديث؛ مثل اسم ” الرب ” فإنه ليس في حديث الترمذي، وأكثر الدعاء المشروع إنما هو بهذا الاسم، كقول آدم: {ربنا ظلمنا أنفسنا} …

وقد قال الإمام أحمد – رضي الله عنه – لرجل ودعه: قل: يا دليل الحائرين؛ دلني على طريق الصادقين، واجعلني من عبادك الصالحين.

وقد أنكر طائفة من أهل الكلام، كالقاضي أبي بكر وأبي الوفاء ابن عقيل: أن يكون من أسمائه الدليل؛ لأنهم ظنوا أن الدليل هو الدلالة التي يُستدل بها.

والصواب ما عليه الجمهور؛ لأن الدليل في الأصل هو المعرِّف للمدلول، ولو كان الدليل ما يُستدل به؛ فالعبد يستدل به أيضا، فهو دليل من الوجهين جميعا.

وأيضا: فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الله وتر يحب الوتر}؛ وليس هذا الاسم في هذه التسعة والتسعين…

وكذلك أسماؤه المضافة مثل: أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومقلب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة، وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين، وليس من هذه التسعة والتسعين” انتهى من “مجموع الفتاوى” (22/ 481-485).

وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (1/ 160): ” هل يجوز قول الإنسان عند الاستعانة مثلا -بالله عز وجل: يا معين، يا رب، أو عند طلب التيسير في أمر: يا مسهل، أو يا ميسر يا رب، وما الضابط في ذلك؟ وما حكم من يقول ذلك ناسيا أو جاهلا أو متعمدا؟

الجواب: يجوز لك أن تقول ما ذكرت؛ لأن المقصود من المُعِين والمسهل والميسر في ندائك هو الله سبحانه وتعالى؛ لتصريحك بقولك: يا رب، آخر النداء، سواء قلت ذلك ناسيا أو جاهلا أو متعمدا.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

عبد الله بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز” انتهى.

ثانيا:

يجوز الدعاء بـ: يا سريع الحساب؛ لورود الدعاء به كما تقدم، ولأن الله موصوف بذلك.

وأما أن تقول: يا سريع، فلا يظهر جوازه؛ لأنه لا يخبر عن الله بأنه سريع؛ لعدم وروده ولإيهامه ما لا يليق.

فإذا دعوت فقل: يا سريع الحساب، فهذا يتضمن سرعة الإجابة؛ فإن الله تعالى ذكرا أنه سريع الحساب بعد ذكر دعاء عباده الصالحين.

قال الله تعالى: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ البقرة/200-202.

قال ابن عاشور رحمه الله: ” وقوله: (والله سريع الحساب) تذييل؛ قصد به تحقيق الوعد بحصول الإجابة، وزيادة تبشير لأهل ذلك الموقف، لأن إجابة الدعاء فيه سريعة الحصول، فعلم أن الحساب هنا أطلق على مراعاة العمل والجزاء عليه.

والحساب في الأصل العد، ثم أطلق على عدِّ الأشياء التي يراد الجزاء عليها أو قضاؤها، فصار الحساب يطلق على الوفاء بالحق، يقال: حاسبه أي كافأه أو دفع إليه حقه، ومنه سمي يوم القيامة يوم الحساب … وهاهنا أيضا أريد به الوفاء بالوعد وإيصال الموعود به، فاستفادة التبشير بسرعة حصول مطلوبهم بطريق العموم؛ لأن إجابتهم من جملة حساب الله تعالى عباده على ما وعدهم، فيدخل في ذلك العموم” انتهى من “التحرير والتنوير” (2/ 249).

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب