الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم الاستئجار الصوري لإظهار وجود حركة تجارية على العقار؟

533401

تاريخ النشر : 13-10-2024

المشاهدات : 649

السؤال

في موقع تفتح فيه حساب، تحط فيه المال، والموقع فيه فنادق، تستأجر غرف من فنادق عن طريق موقع بالذكاء اصطناعي، يسهل تأجير غرف، ويذهب من حسابك المال، وبعدها يرجع إليك المال وعمولة، يعني تستأجر غرفة ب ٥٠٠$، يأخذ منك ٥٠٠$، وبعدها يرجع الحجز الغرفة ويرجع ٥٠٠$، و ايضآ عموله مثلًا ٥$ ،يعني يرجع إليك ٥٠٥$، والهدف من هذا الحجز هو: إنه يساعد الفنادق على تحسين معدل الإشغال والمراجعات الجيدة، حتى يتمكن الفندق من جذب المزيد من الضيوف، بعد الانتهاء، سيقوم الفندق برد رسوم حجز الفندق، ودفع عمولتنا للطلب، فما حكم هذا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الغش والخديعة محرمان، والإعانة على ذلك محرمة؛ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ المائدة/2.

وروى مسلم (102) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:  مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي.

وقال صلى الله عليه وسلم: (المكر والخديعة في النار) رواه البيهقي في “شعب الإيمان”، وصححه الألباني في “صحيح الجامع”، ورواه البخاري في صحيحه معلقا بلفظ: الخديعة في النار، ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.

ثانيا:

إذا تقرر ذلك؛ فالمعاملة المذكورة:   غش وخداع وتغرير بالزبائن، فأنت لا تستأجر غرفة حقيقة، وإنما ادعاء وصورة؛ ليظهر للزبائن كثرة الراغبين والمستأجرين.

وهذا العمل هو من جملة النجش المحرم، الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين عنه.

فعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَبْتَاعُ الْمَرْءُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، ‌وَلَا ‌تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ.

البخاري (2160)، ومسلم (1520) واللفظ للبخاري.

قال الإمام محيي السنة البغوي، رحمه الله: ” وقوله في حديث أبي هريرة: «‌ولا ‌تناجشوا»، فالنجش: هو أن يرى الرجل السلعة تباع، فيزيد في ثمنها، وهو لا يريد شراءها بل يريد بذلك ترغيب السوام فيها، ليزيدوا في ثمنها.

والتناجش: أن يفعل هذا بصاحبه على أن يكافئه صاحبه بمثله إن هو باع.

فهذا الرجل عاص بهذا الفعل، سواء كان عالما بالنهي أو لم يكن، لأنه خديعة، وليست الخديعة من أخلاق أهل الشريعة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الخديعة في النار، ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو رد».

والنجش، قيل أصله المدح معناه: لا يمدح سلعة، ويزيد في ثمنها، ولا يريد شراءها.

وقيل: أصله التنفير عن الشيء، من تنفير الوحش من مكان إلى آخر”. انتهى، من “شرح السنة للبغوي” (8/ 120).

وقال ابن رجب، رحمه الله:

وقوله صلى الله عليه وسلم: «‌ولا ‌تناجشوا»: فسره كثير من العلماء بالنجش في البيع، وهو: أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، إما لنفع البائع بزيادة الثمن له، أو بإضرار المشتري بتكثير الثمن عليه، وفي ” الصحيحين ” عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النجش.

وقال ابن أبي أوفى: الناجش: آكل ربا خائن، ذكره البخاري

قال ابن عبد البر: أجمعوا أن فاعله عاص لله عز وجل إذا كان بالنهي عالما بالنهي”.

ثم قال: ” ويحتمل أن يفسر التناجش المنهي عنه في هذا الحديث بما هو أعم من ذلك، فإن أصل النجش في اللغة: إثارة الشيء بالمكر والحيلة والمخادعة، ومنه سمي الناجش في البيع ناجشا، ويسمى الصائد في اللغة ناجشا، لأنه يثير الصيد بحيلته عليه، وخداعه له، وحينئذ، فيكون المعنى: لا تتخادعوا، ولا يعامل بعضكم بعضا بالمكر والاحتيال. وإنما يراد بالمكر والمخادعة إيصال الأذى إلى المسلم: إما بطريق الأصالة، وإما اجتلاب نفعه بذلك، ويلزم منه وصول الضرر إليه، ودخوله عليه، وقد قال الله عز وجل: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}. وفي حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار وقد ذكرنا فيما تقدم حديث أبي بكر الصديق المرفوع: «ملعون من ضار مسلما أو مكر به» خرجه الترمذي.

فيدخل على هذا التقدير في التناجش المنهي عنه جميع أنواع المعاملات بالغش ونحوه، كتدليس العيوب، وكتمانها، وغش المبيع الجيد بالرديء، وغبن المسترسل

الذي لا يعرف المماكسة، وقد وصف الله تعالى في كتابه الكفار والمنافقين بالمكر بالأنبياء وأتباعهم، وما أحسن قول أبي العتاهية:

ليس دنيا إلا بدين وليـ … ـس الدين إلا مكارم الأخلاق

إنما المكر والخديعة في النار … هما من خصال أهل النفاق

وإنما يجوز المكر بمن يجوز إدخال الأذى عليه، وهم الكفار المحاربون، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة». انتهى، من “جامع العلوم والحكم” (714-715).

وجاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (9/ 220):

” وقد عرفه الفقهاء بأن يزيد الرجل في الثمن ولا يريد الشراء، ليرغب غيره. أو أن يمدح المبيع بما ليس فيه ليروجه”. انتهى.

والحاصل:

أن المعاملة المذكورة محرمة، لا يجوز الدخول فيها، لما فيها من الغش والخداع، وهي داخلة في “النجش” المحرم في البيوع.

والعمولة الناتجة عن هذا عمولة محرمة.

فاتق الله تعالى، واحذر غضبه، واجتنب المال الحرام.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب