الحمد لله.
أولا:
الواجب على المرأة طاعة زوجها بالمعروف. وقد جاءت النصوص تبيّن فضيلة طاعة الزوج منها: ما رواه الإمام أحمد عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ) رواه أحمد (1661) وحسنه الألباني.
ومن الطاعة للزوج ألا تخرج من بيته إلا بإذنه لقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (إذا استأذَنَكم نِساؤُكم باللَّيلِ إلى المسجِدِ، فأْذَنوا لهنَّ) رواه البخاري (865)، ومسلم (442).
قال القاضي عياض رحمه الله:
“وفيه دليل على أنّ للرجل منع امرأته من الخروج إِلا بإذنه” انتهى من “إكمال المعلم بفوائد مسلم” (2/ 353).
وقال ابن رجب رحمه الله:
“ولا نعلم خلافا بين العلماء: أن المرأة لا تخرج إلى المسجد إلا بإذن زوجها، وهو قول ابن المبارك والشافعي ومالك وأحمد وغيرهم” انتهى من “فتح الباري لابن رجب” (8/ 53).
وإذا كان هذا في الخروج إلى المسجد فغيره من باب أولى.
ثانيا:
طاعة المرأة لزوجها في ترك الخروج من المنزل إلا بإذنه، وفي أمرها كله: مقيدة بما كان بالمعروف، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) رواه البخاري (6726).
وليس من “المعروف” طاعة الزوج فيما فيه ضرر على المرأة، أو خطر على نفسها، أو عرضها، أو مالها؛ فضلا عن دينها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) ابن ماجة (2369)، وصححه الألباني في “صحيح سنن ابن ماجه” (1909).
وقد نص العلماء على حالات يجوز للمرأة الخروج من بيتها من غير إذن زوجها، مما يدل على أن طاعته ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بأمور ، منها : عدم وقوع الضرر عليها أو تخاف هلاكا ونحوه.
جاء في “التهذيب في فقه الإمام الشافعي للبغوي” (6/ 255):
“ولو أرادت الخروج -زمن العدة من طلاق- فللزوج منعها…، فلو خرجت لغير حاجة-: عصت، …. فإن اضطرت إلى الخروج بأن خافت هدماً أو حريقاً أو غرقاً-: فلها أن تخرج؛ سواء كانت العدة عن طلاق أو وفاة، وكذلك: لو كانت تتأذى من الجيران، ولم تكن الدار حصينة-: فلها الانتقال عنها.
وإن كانت بها حاجة من شراء طعام، أو بيع غزل، أو شراء قطن أو نحو ذلك: نظر: إن كانت رجعية-: فليس لها الخروج؛ لأن على الزوج كفايتها” انتهى
وجاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (24/57):
“من حق الزوج على زوجته ألا تخرج من البيت إلا بإذنه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله: ما حق الزوج على الزوجة؟ فقال: حقه عليها ألا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة، وملائكة العذاب حتى ترجع.
واشترطوا في ذلك: أن يكون البيت صالحا للسكنى، فإن لم يكن صالحا للسكنى كأن خافت سقوطه عليها، أو لم يكن له مَرَافق، فلها الخروج منه.
وقد ذكروا أسبابا لجواز خروج المرأة بغير إذن زوجها من المنزل: منها: الخروج إلى مجلس العلم، إذا وقعت لها نازلة وليس الزوج فقيها.
ومنها: الخروج إلى حجة الفرض إذا وجدت محرما تخرج معه، وليس للزوج منعها من ذلك” انتهى.
ومما سبق بيانه من النصوص المقيدة للطاعة، ولما قرره أهل العلم، فإنّه يجوز لأختك -والحالة ما ذكرتِ في السؤال- أن تخرج من بيتها، ولو بدون إذن زوجها ، ولا إثم عليها في ذلك .
لأنّ ما ذكره الفقهاء من جواز الخروج بغير إذن الزوج أخف من حالة أختك.
وعلى زوجها أن يتقي الله عز وجل فهو مؤتمن على رعيته وحفظهم وحمايتهم، فإلزامه لهم بالبقاء في بلد قائمة فيه الحرب على أشدها من تضييع الأمانة.
والله أعلم.
تعليق