الحمد لله.
القول الصحيح أن النجاسة تزول بأي مزيل، ولا يلزم إزالتها بالماء.
وقد سبق بيان ذلك مفصلا في الموقع فيرجع إليه: (111812).
والدم الخارج من الهرة بعد ولادتها: دم نجس، ومعلوم أن الهرة تقوم بتنظيف نفسها من خلال لعق نفسها، فإذا زال هذا الدم كله، ولم يبق له أثر على جسدها: فقد طهر؛ لأنّ لعاب الهرة الذي تنظف به جسمها طاهر، ففي الصحيح عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبٍ، وَكَانَتْ تَحْتَ بَعْضِ وَلَدِ أَبِي قَتَادَةَ: ” أَنَّهَا صَبَّتْ لِأَبِي قَتَادَةَ مَاءً، يَتَوَضَّأُ بِهِ، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ، فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أَخِي أَتَعْجَبِينَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ، أَوِ الطَّوَّافَاتِ) رواه مسلم (367)، وراه الترمذي (92).
وقال الترمذي بعد روايته للحديث:” هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، مِثْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ: لَمْ يَرَوْا بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ بَأْسًا ” انتهى .
قال الخطابي رحمه الله:
“فيه من الفقه أنّ ذات الهرة طاهرة، وأن سؤرها غير نجس، وأن الشرب منه والوضوء به غير مكروه” انتهى من “معالم السنن” (1/41)
وفي صحيح الجامع عن عائشة رضِيَ اللهُ عنها أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (كان يُصغي للهِرَّةِ الإناءَ، فتَشرَبُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بفضلها) وصححه الألباني (4958).
قال ابن القيم رحمه الله:
“ريق الهرة مطهرٌ لفمها، وقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أنها ليست بنجس، مع علمه بأكلها الفأر وغيره. وقد فهم من ذلك أبو قتادة طهارة فمها وريقها، وكذلك أصغى لها الإناء حتى شربت” انتهى من “تحفة المودود بأحكام المولود” (ص:322).
وعليه؛ فإذا زال الدم من جسد الهرة ومن جسد أولادها بعد ولادتها من خلال تنظيف نفسها، فلا تحتاجين لغسلهن بالماء.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (396342).
والله أعلم.
تعليق