الحمد لله.
أولا:
يجوز للنساء استعمال الدف في النكاح؛ لما روى النسائي (3369)، وابن ماجه (1896) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ) والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي.
روى البخاري (5163) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَفَّتْ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَا عَائِشَةُ ، مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ ؟ فَإِنَّ الْأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمْ اللَّهْوُ).
قال في "كشاف القناع" (5/ 183): " (يسن إعلان) أي إظهار (النكاح، والضرب عليه بدف لا حِلق فيه ولا صنوج، للنساء) لما روى محمد بن حاطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح» رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه.
وقال أحمد أيضا: يستحب ضرب الدف والصوت في الإملاك. فقيل له: ما الصوت؟ قال: يتكلم ويتحدث ويُظهر …
(ويحرم كل ملهاة سوى الدف، كمزمار وطنبور ورباب وجنك وناي ومعرفة وجفانة وعود وزمارة الراعي ونحوها، سواء استعملت لحزن أو سرور) " انتهى.
ثانيا:
لا يتقيد جواز استعمال الدف بوقت العقد، بل يجوز في أيام العرس، سواء كانت قبل العقد أو بعده.
قال الشيخ ابن عثيمين:" والمعازف كلها حرام، إلا ما دلَّ الدليل على حلِّه، وهو الدف حال أيام العرس " انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/ 186).
فأيام العرس يباح فيها الدف، بل الدف جائز للنساء في غير النكاح؛ لما روى الترمذي (3690)، وأبو داود (3312) عن بُرَيْدَةَ، قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي وَإِلَّا فَلَا). فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَأَلْقَتِ الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا، ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ، إِنِّي كُنْتُ جَالِسًا وَهِيَ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ أَلْقَتِ الدُّفَّ) وصححه الألباني.
قال السفاريني رحمه الله: "فإذا كان الدف ذا صنوج؛ فلا غرم عليك إذا كسرته؛ لعدم إباحته. ومثل الصنوج الحلق والجلاجل، نص الإمام أحمد على عدم ضمان.
وأما الدف العاري عن ذلك: فيباح للنساء في غير النكاح" انتهى من "غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" (1/ 243).
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: " المعتمَد من مذهبنا أنَّه حلالٌ بلا كراهة، فِي عرس وختان، وتركُه أفضل، وهكذا حكمُه فِي غيرهما. فيكون مباحًا أيضًا على الأصحِّ فِي "المنهاج" وغيره، وقال جمعٌ من أصحابنا: إنَّه فِي غيرهما حرام" انتهى من "كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع" ص77.
والحاصل: أنه يجوز للنساء ضرب الدف في أيام العرس، ولو كانت بعد البناء.
والله أعلم.
تعليق