الحمد لله.
ينبغي للمصلي أن يحافظ على الخشوع، وأن يزيل ما يشغله ويلهيه في صلاته؛ لما روى البخاري (373)، ومسلم (556) عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: (اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي). وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي).
والخميصة : ثوب مخطط من حرير أو صوف .
والأعلام : نقوش وزخارف
والأنبجانية : كساء غليظ لا نقوش فيه ولا تطريز .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (5/ 43): "قوله صلى الله عليه وسلم: "شغلتني أعلام هذه" وفي الرواية الأخرى: "ألهتني" وفي رواية للبخاري: "فأخاف أن تفتني" معنى هذه الألفاظ متقارب، وهو اشتغال القلب بها عن كمال الحضور في الصلاة، وتدبر أذكارها وتلاوتها ومقاصدها من الانقياد والخضوع، ففيه الحث على حضور القلب في الصلاة، وتدبر ما ذكرناه، ومنع النظر من الامتداد إلى ما يشغل، وإزالة ما يخاف اشتغال القلب به، وكراهية تزويق محراب المسجد وحائطه ونقشه وغير ذلك من الشاغلات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل العلة في إزالة الخميصة هذا المعنى. وفيه أن الصلاة تصح وإن حصل فيها فكر في شاغل ونحوه مما ليس متعلقا بالصلاة، وهذا بإجماع الفقهاء" انتهى.
ولهذا فالأصل أن لا تشغّل منبها ولا غيره، وأن تستحضر بقلبك ما أنت فيه من قراءة أو ذكر أو ركوع أو سجود.
لكن من يعاني من تشتت الذهن، وكثرة السهو والنسيان ونحو ذلك، فلا حرج أن يضع التنبيه المذكور؛ لأنه وسيلة إلى تصحيح صلاته وحضور قلبه فيها، وقد جوز الفقهاء استعمال بعض الوسائل لتذكر عدد الركعات.
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: " وروى الفضل بن شاذان في كتابه " عدِّ الآي والركعات في الصلاة " من حديث عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها كانت إذا صلَّت المكتوبة عدَّت صلاتها بخاتمها، تحوِّلها في يدها حتى تفرغ من صلاتها، تحفظ به " انتهى من كتاب " الخواتيم " لابن رجب ( ص 109 ) والإسناد إليها صحيح .
وقال الخرشي المالكي رحمه الله: "وليس من العبث تحويل خاتمه من إصبع لآخر لعد الركعات خوف السهو؛ لأن فعل ذلك لإصلاح الصلاة" انتهى من "شرح مختصر خليل" (1/ 294).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وله عَدُّ الركعات ، وهذه قد تكون أحوج مما سَبَقَ ؛ لأن كثيراً من الناس ينسى ويعدُّها بالأصابع ، فهنا مشكل ؛ لأنه إذا رَكَعَ لا بُدَّ أن يفرِّجَ أصابعه ، وإذا سَجَدَ لا بُدَّ أن تكون أصابعه مبسوطة ، وعلى هذا فيعدُّها بأحجار أو نَوى ، فيجعل في جيبه أربع نَوى فإذا صَلَّى الرَّكعة الأُولى رَمى بواحدة ، وهكذا حتى تنتهي ، فهذا لا بأس به ؛ لأن في هذا حاجة ، وخاصة لكثير النسيان" انتهى من "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (3/ 249).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (179996).
والله أعلم.
تعليق