الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

الفطر في نهار رمضان لأجل الامتحانات

السؤال

منذ أيام الجامعة كنت لا أستطيع المذاكرة وأنا صائمة في رمضان فأفطرت في سنتين أياماً عديدة , فهل علي القضاء أم الكفارة أم هما معا ؟ .

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

صوم رمضان أحد الأركان التي بني عليها الإسلام ، روى البخاري (8) ومسلم (16) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالْحَجِّ ، وَصَوْمِ رَمَضَان ) .

فمن ترك الصوم فقد ترك ركناً من أركان الإسلام ، وفعل كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب ، بل ذهب بعض السلف إلى كفره وردته ، عياذا بالله من ذلك .

قال الذهبي في الكبائر (ص 64) :

" وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض ( أي بلا عذر يبيح ذلك ) أنه شر من الزاني ومدمن الخمر ، بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال " انتهى .

ثانياً :

وأما الفطر لأجل الامتحان فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ذلك فأجاب :

" لا يجوز للمكلّف الإفطار في رمضان من أجل الامتحان ، لأن ذلك ليس من الأعذار الشرعية ، بل يجب عليه الصوم وجعل المذاكرة في الليل إذا شق عليه فعلها في النهار .

وينبغي لولاة أمر الامتحان أن يرفقوا بالطلبة ، وأن يجعلوا الامتحان في غير رمضان جمعاً بين مصلحتين ، مصلحة الصيام ، والتفرغ للإعداد للامتحان ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به ، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشقّ عليهم فاشقق عليه ) أخرجه مسلم في صحيحه .

فوصيتي للمسؤولين عن الامتحان أن يرفقوا بالطلبة والطالبات ، وألا يجعلوه في رمضان بل قبله أو بعده ونسأل الله للجميع التوفيق " انتهى .

"فتاوى الشيخ ابن باز" (4/223) .

وكذلك سئلت اللجنة الدائمة : سأختبر في رمضان لمدة 6 ساعات ونصف الساعة ، متواصلة يتخللها فترة راحة لمدة 45 دقيقة . وكنت قد قدمت الاختبار ذاته العام الماضي ، لكني لم أركز بسبب الصيام . فهل يجوز لي أن أفطر في يوم الاختبار ؟

فأجابت :

" لا يجوز الإفطار لما ذكرت ، بل يحرم ذلك ؛ لعدم دخوله في الأعذار التي تبيح الإفطار في رمضان " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (10 /240) .

ثالثاً :

وأما وجوب القضاء , فالأمر يحتاج إلى تفصيل :

فإن كنت أفطرت وأنت تظنين أن الفطر جائز بسبب الامتحانات فعليك القضاء , لأنك معذورة بهذا الظن الخاطئ , ولم تتعمدي ارتكاب المحرم .

أما إن كنت أفطرت وأنت تعلمين تحريم ذلك , فالواجب عليك التوبة والندم ، والعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب العظيم .

وأما القضاء , فإن كان إفطارك في أثناء اليوم بعد أن شرعت في صيامه , فعليك القضاء , وإن كنت لم تصومي من الأصل فلا قضاء عليك , وتكفيك التوبة النصوح إن شاء الله تعالى , وعليك الإكثار من الأعمال الصالحة من صيام التطوع غيره ، فإن ذلك يسدد النقص الحاصل في الفريضة .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر ؟

فأجاب :

" الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر ، ويكون به الإنسان فاسقاً ، ويجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره ، يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره ؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر ، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر : فالراجح : أنه لا يلزمه القضاء ؛ لأنه لا يستفيد به شيئاً ، إذ إنه لن يقبل منه ، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ولأنه مِن تعدي حدود الله عز وجل ، وتعدي حدود الله تعالى ظلم ، والظالم لا يقبل منه ، قال الله تعالى : ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلظَّلِمُونَ ) ؛ ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها - أي : فعلها قبل دخول الوقت - لم تقبل منه ، فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 45 ) .

رابعاً :

عليك التوبة إلى الله من تأخير القضاء كل هذه السنوات ، فإن الواجب على من عليه قضاء أيام من رمضان أن يقضيها قبل دخول رمضان التالي , فإن أخرها كان مرتكباً محرماً , وهل يجب عليه كفارة ( إطعام مسكين عن كل يوم ) بسبب هذا التأخير ؟ فيه خلاف بين العلماء , والأقرب أنه لا يجب , ولو أخرجتيها احتياطاً كان ذلك حسناً .

وانظري جواب السؤال (26865) .

وخلاصة الجواب :

أن عليك القضاء إن كنت ظننت أن الفطر جائز بسبب الاختبارات ، أو كان فطرك في أثناء اليوم ، ولا يلزمك مع القضاء كفارة .

نسأل الله أن يتقبل توبتك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب