الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل يجوز عمل مصلى تكون فيه النساء أمام الإمام؟

65685

تاريخ النشر : 21-02-2005

المشاهدات : 55154

السؤال

ما حكم عمل مكان مخصص لصلاة النساء ( التراويح ) أمام المسجد ( أي : سيكون المصلى مقدماً على الإمام يفصل بينهم جدار المسجد ) وليس هناك مكان آخر لصلاة النساء ؟.

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها ، فعن أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُحِبُّ الصَّلاةَ مَعَكَ . قَالَ : قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلاةَ مَعِي ، وَصَلاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلاتِكِ فِي دَارِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِي . قَالَ : فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ ، فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ .

رواه أحمد (26550) وصححه ابن خزيمة (1689) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب" (340) .

قال عبد العظيم آبادي رحمه الله :

ووجه كون صلاتهن في البيوت أفضل للأمن من الفتنة ، ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة .

"عون المعبود" (2/193) .

ومع ذلك : فإذا أرادت المرأة أن تذهب إلى المسجد للصلاة فلا يجوز لأحد منعها إذا التزمت بالشروط الشرعية لخروجها ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا) رواه البخاري (865) ومسلم (442) .

وانظر السؤال (9232) .

ثانياً :

الأصل في صلاة الجماعة أن يكون المأموم خلف إمامه ، وقد اختلف العلماء في حكم من صلَّى أَمام إمامه على أقوال ، أصحها : الجواز للعذر .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

هل تجزئ الصلاة قدام الإمام أو خلفه في المسجد وبينهما حائل أم لا ؟

فأجاب :

" أما صلاة المأموم قدَّام الإمام : ففيها ثلاثة أقوال للعلماء :

أحدها : أنها تصح مطلقا , وإن قيل : إنها تكره , وهذا القول هو المشهور من مذهب مالك , والقول القديم للشافعي .

والثاني : أنها لا تصح مطلقا , كمذهب أبي حنيفة , والشافعي , وأحمد في المشهور من مذهبهما .

والثالث : أنها تصح مع العذر دون غيره ، مثل ما إذا كان زحمة فلم يمكنه أن يصلي الجمعة أو الجنازة إلا قدام الإمام , فتكون صلاته قدام الإمام خيراً له من تركه للصلاة .

وهذا قول طائفة من العلماء , وهو قولٌ في مذهب أحمد وغيره ، وهو أعدل الأقوال وأرجحها ؛ وذلك لأن ترك التقدم على الإمام غايته أن يكون واجبا من واجبات الصلاة في الجماعة , والواجبات كلها تسقط بالعذر ، وإن كانت واجبة في أصل الصلاة , فالواجب في الجماعة أولى بالسقوط ; ولهذا يسقط عن المصلي ما يعجز عنه من القيام , والقراءة , واللباس , والطهارة , وغير ذلك .

وأما الجماعة فإنه يجلس في الأوتار لمتابعة الإمام ( يعني يجلس بعد الركعة الأولى والثالثة ، وهذا فيمن دخل الصلاة متأخراً ركعة ) , ولو فعل ذلك منفردا عمدا بطلت صلاته , وإن أدركه ساجدا أو قاعدا كبر وسجد معه , وقعد معه ; لأجل المتابعة ، مع أنه لا يعتد له بذلك , ويسجد لسهو الإمام , وإن كان هو لم يسه .

وأيضاً : ففي صلاة الخوف لا يستقبل القبلة , ويعمل العمل الكثير ويفارق الإمام قبل السلام , ويقضي الركعة الأولى قبل سلام الإمام , وغير ذلك مما يفعله لأجل الجماعة , ولو فعله لغير عذر بطلت صلاته ... .

والمقصود هنا : أن الجماعة تفعل بحسب الإمكان , فإذا كان المأموم لا يمكنه الائتمام بإمامه إلا قدامه كان غاية [ ما ] في هذا أنه قد ترك الموقف لأجل الجماعة , وهذا أخف من غيره , ومثل هذا أنه منهي عن الصلاة خلف الصف وحده , فلو لم يجد من يصافه ولم يجذب أحدا يصلي معه صلى وحده خلف الصف , ولم يَدَعْ الجماعة , كما أن المرأة إذا لم تجد امرأة تصافها فإنها تقف وحدها خلف الصف , باتفاق الأئمة ، وهو إنما أُمِرَ بالمصافة مع الإمكان لا عند العجز عن المصافة .

" الفتاوى الكبرى " ( 2 / 331 – 333 ) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز تقدم المأموم على الإمام ؟

فأجاب :

" الصحيح أن تقدم الإمام واجب ، وأنه لا يجوز أن يتقدم المأموم على إمامه ، لأن معنى كلمة " إمام " أن يكون إماماً ، يعني يكون قدوة ، ويكون مكانه قدام المأمومين ، فلا يجوز أن يصلي المأموم قدام إمامه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قدام الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى هذا فالذين يصلون قدام الإمام ليس لهم صلاة ، ويجب عليهم أن يعيدوا صلاتهم إلا أن بعض أهل العلم استثنى من ذلك ما دعت الضرورة إليه مثل أن يكون المسجد ضيقاً ، وما حواليه لا يسع الناس فيصلي الناس عن اليمين واليسار والأمام والخلف لأجل الضرورة " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/44) .

وعلى هذا ؛ فإنكم تجتهدون في جعل مكان النساء خلف الإمام ، فإن لم يوجد مكان ، ولم يمكن إلا قدام الإمام ، فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب