الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل يأخذ أجر الصف الأول ولو لم يكن في المسجد إلا صف واحد؟

67797

تاريخ النشر : 13-03-2005

المشاهدات : 72314

السؤال

هل الأفضل أن أذهب إلى مسجد به عدد كبير من المصلين حتى إن كان بعيداً ؟ وهل آخذ ثواب "الصف الأول" إذا كان المسـجد الذي أصلي فيه به صف واحد فقط ؟.

الجواب

الحمد لله.

أولا :

قد دلت الأدلة على أن أجر صلاة الجماعة يزداد بكثرة عدد المصلين ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (38194) .

وخطواتك إلى المسجد – مهما بعُد – مكتوب لك أجرها عند الله ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ ) رواه البخاري (2989) ومسلم (1009) .

وروى مسلم (665) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : خَلَتْ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ : ( إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ ) قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ . فَقَالَ : ( يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ ).

قال النووي رحمه الله : " معناه الزموا دياركم فإنكم إذا لزمتموها كتبت آثارُكم وخطاكم الكثيرة إلى المسجد . وبنو سلِمة ، قبيلة معروفة من الأنصار رضي الله عنهم " انتهى من "شرح مسلم" (5/169) .

وينبغي أن يُعلم أن المفاضلة بين الصلاة في مسجد ومسجد ، تدخل فيها أمور أخرى غير كثرة العدد وكثرة الخطى ، كالتزام الإمام والمأمومين بالسنة ، وحرصهم على إقامة الصلاة كما أمر الله تعالى ، من الخشوع والطمأنينة وتسوية الصفوف وغير ذلك مما يتمم الصلاة ويكملها . وقد يكون في بعض المساجد حلقات للتعليم أو تحفيظ كتاب الله تعالى ، فينبغي أن يكون للإنسان حظ من ذلك ، وألا يفرط فيه ولو كان المسجد أقل عددا .

والفقه أن يوازن الإنسان بين مراتب الأعمال ، وأن يعرف الفاضل من المفضول ، وأن يجتهد في تحصيل الأجر والثواب ما أمكنه .

ثانيا :

جاء في فضل الصف الأول أحاديث ، منها ما رواه البخاري (615) ومسلم (437) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا ) .

ومعنى (استهموا) : أي اقترعوا ، ويدل عليه رواية مسلم (439) : ( لَوْ تَعْلَمُونَ أَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ لَكَانَتْ قُرْعَةً ) .

وروى أبو داود (664) والنسائي (811) عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُ الصُّفُوفَ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ ، يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا وَصُدُورَنَا ، وَيَقُولُ : ( لا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ ) وَكَانَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْمُتَقَدِّمَةِ ) . صححه الألباني في صحيح النسائي .

ورواه ابن ماجه (997) بلفظ : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ ) .

والصف الأول : المراد به ما يلي الإمام مطلقا ، سواء تخلله شيء كمقصورة أو لا . وقيل : هو أول صف تام يلي الإمام ، وقيل : المراد به من سبق إلى الصلاة ولو صلى آخر الصفوف .

قال النووي رحمه الله : " القول الأول هو الصحيح المختار ، وبه صرح المحققون ، والقولان الآخران غلط صريح " انتهى نقلا عن "فتح الباري" (2/244) .

ولا فرق بين أن يكون في المسجد صف واحد أو صفوف ، فما يلي الإمام هو الصف الأول ، الموعود أهله بذلك الفضل ، إن شاء الله ، لعموم الأحاديث .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب