الحمد لله.
أولاً :
يسرنا أن نهنئك على الدخول في الإسلام ، وهو الدين الخاتم للأديان ، وقد رضيه الله تعالى للخليقة كلها ، وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم ليكون للعالَمين بشيراً ونذيراً ، وقد سبقكِ كثير ممن هدى الله تعالى قلوبهم لهذا الدين العظيم ، وقد حُرمه كثيرون بسبب عنادهم ومكابرتهم ، فيجب عليكِ أن تديمي الشكر لربكِ تعالى أن أخرجك من ظلمات الكفر والجهل إلى نور التوحيد والعلم ، ويجب عليكِ أن تتعلمي أحكام الدين لتزدادي طمأنينة بحسن اختيارك وليثبت الله به قلبكِ .
ثانياً :
لا يمنعنا إسلامكِ الجديد من أن نخبركِ بأن هذا الدين جاء بأحكامٍ عظيمة ، يحفظ بها للمسلم دينه وعقله وماله وعِرضه ونسبه ، لذا ففيه ما هو حرام ممنوع من أجل المحافظة على ذلك ، وفيه ما هو ما واجب لأجل الأمر نفسه ، ومما يتعلق بسؤالكِ هنا أمران :
فمن باب الحفاظ على العِرض والنسب حرَّم الإسلامُ الاختلاط بين الجنسين ، وخلوة الرجل بالمرأة ، ولمسها بيده ، فضلاً عما هو أكبر من ذلك من فاحشة الزنا ، لذا فإننا نرى أن المرأة جوهرة لا يصح أن تكون سلعة رخيصة – كما هو الحال في دول الكفر ومن تبعهم من سفهاء المسلمين – في الدعايات والصحف والمجلات ، وإن لها دوراً عظيماً ينتظرها بصفتها زوجة وأمّاً .
والأمر الثاني : حفاظاً على دين المرأة فإن الله تعالى قد حرَّم زواج المسلمة بالكافر ، وهو أمر ثابت بالقرآن والسنة والإجماع .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" والكافر لا تحل له المرأة المسلمة بالنص والإجماع قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) . . .
المسلمة لا تحل للكافر بالنص والإجماع - كما سبق - ولو كان الكافر أصليّاً غير مرتد ، ولهذا لو تزوج كافرٌ مسلمةً : فالنكاح باطل ، ويجب التفريق بينهما ، فلو أسلم وأراد أن يتزوجها لم يكن له ذلك إلا بعقدٍ جديدٍ " انتهى باختصار .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / 138 - 140 ) .
ثالثاً :
ويشترط في عقد الزواج حتى يكون صحيحاً وجود وليٍّ للمرأة ، ولا يجوز أن يكون الكافرُ وليّاً للمسلمة بلا خلافٍ بين العلماء .
قال ابن قدامة :
أما الكافر : فلا ولاية له على مسلمةٍ بحال , بإجماع أهل العلم , منهم : مالك , والشافعي , وأبو عبيد , وأصحاب الرأي ، وقال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم .
" المغني " ( 7 / 21 ) .
وحتى في مثل حالكِ فإنه لا بدَّ من وليٍّ في الزواج ، فإن لم يكن أحد أوليائك مسلماً : فيزوجكِ من يقوم مقام السلطان وهو القاضي الشرعي أو المفتي أو شيخ المركز الإسلامي ، أو إمام المسجد .
ولا يجب عليك استئذان والدك في زواجك لأنه لا ولاية له عليك ، وإذا تمَّ هذا الزواج فإنه يجوز أن يبقى خبره بعيداً عن والديك ، ولا يجب عليكِ إخبارهما به .
وكذلك لا يلزم الشاب استئذان والديه في النكاح ، لأنه لا ولاية عليه في ذلك بل يتولى هو أمر نفسه ، لكن الأفضل والأكمل أن يكون ذلك بعلمهما ورضاهما ، لما لها من حق البر والإحسان والصلة.
رابعا :
عليك بذل ما تستطيعين من أجل إنقاذ والديكِ وإدخالهما في الإسلام ، حتى تتم لكِ ولهما السعادة الدنيوية والأخروية ، ويمكنك أن تسلكي طرقاً كثيرة متعددة لدعوتهم إلى الإسلام ، ومنها : أن تراسليهم بالبريد الإلكتروني – مثلاً – دون أن يعلموا أن الرسائل منكِ ، ويمكنك تزويد عنوانهم لبعض المختصين بالعلوم الشرعية والدعوة ليقوموا بالمهمة عنكِ ، كما يمكنك الاستعانة بالمركز الإسلامي القريب منهم ليقوم بعض الدعاة بزيارتهم ودعوتهم ، ويمكنك مراسلتهم بالبريد العادي وتزويدهم بأشرطة وكتيبات تعرِّف بدين الإسلام .
وأنتِ أعلم بحالهم من غيرك ، وقد يكون إخبارهم بإسلامك فتح باب أمامهم للدخول في الإسلام ، فإن كان هذا واقعاً فأخبريهم ، وإن رأيتِ أن لا نفع من هذا ، وأنه يؤثر فيهم سلباً أو قد يتسبب في التضييق عليك فلا تخبريهم ، ويمكن تأجيل ذلك فترة حتى يفتح الله عليهم ، واستعيني بالله تعالى وتضرعي إليه بالدعاء الصادق أن يهديهم .
نسأل الله تعالى لك الثبات على هذا الدين ، ونسأله تعالى أن يهدي والديك للإسلام .
والله أعلم .
تعليق