الحمد لله.
من دخل والإمام يقرأ الفاتحة فإنه يكبر تكبيرة الإحرام , ثم يسكت حتى يفرغ الإمام من قراءة الفاتحة ؛ لأن المأموم مأمور بالاستماع والإنصات لقراءة إمامه , واستفتاحه وتعوذه يشغله عن الاستماع والإنصات المأمور به , وليس له أن ينشغل عما أُمر به بشيء .
انظر : "مجموع الفتاوى" (23/280) .
وهذا القول ـ أعني أنه لا يستفتح ولا يتعوذ حال جهر إمامه ـ هو أصح الأقوال في هذه المسألة ـ إن شاء الله ـ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (22/341) , (23/281) ؛ وذلك لقوة مأخذه ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ , فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا , وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا ) رواه مسلم (404) والنسائي (921) .
فإذا فرغ الإمام من الفاتحة أتى المأموم بدعاء الاستفتاح , ثم استعاذ وقرأ البسملة والفاتحة , وإذا لم يمكنه من أن يستفتح ويستعيذ ويقرأ قبل أن يبدأ الإمام بقراءة السورة فإنه لا يستفتح ؛ لأن دعاء الاستفتاح سنة ؛ بل يستعيذ ويقرأ ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في القراءة خلف الإمام : ( لا تَفْعَلُوا إِلا بِأُمِّ الْقُرْآنِ , فَإِنَّهُ لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا ) رواه الترمذي (311) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وهذا على القول بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية , والراجح وجوبها عليه ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ) رواه البخاري (756 ) . وهذا نفي للصحة .
انظر السؤال (10995) .
أما إذا دخل المسجد والإمام في الصلاة السرية فإنه يكبر تكبيرة الإحرام , ويستفتح , ويستعيذ , ثم يقرأ إذا ظن أنه يتم الفاتحة قبل أن يركع إمامه ، إذا كان هناك قرينة , حيازة لفضيلة الاستفتاح والفاتحة , وإلا اشتغل بالفاتحة بعد تكبيرة الإحرام ولا يستفتح ؛ لأن الاهتمام بالفرض أولى .
انظر : "مغني المحتاج" (1/257) , "تلبيس إبليس" (ص 161 ) .
وإذا ركع الإمام ترك المأموم بقية الفاتحة وركع معه ؛ لأنه لم يدرك غير ما قرأه , ويكون مدركاً للركعة ، كما لو أدركه في الركوع , فإن الفاتحة تسقط عنه , ولا يتخلف عن إمامه لإتمام الفاتحة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ) رواه البخاري (378) ومسلم ( 414) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" قراءة الاستفتاح سنة وقراءة الفاتحة فرض على المأموم على الصحيح من أقوال أهل العلم ، فإذا خشيت أن تفوت الفاتحة فابدأ بها ومتى ركع الإمام قبل أن تكملها فاركع معه ويسقط عنك باقيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ) متفق عليه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/243-244) .
والله أعلم .
انظر : " أحكام حضور المساجد" ( ص139-141) للشيخ : عبد الله بن صالح الفوزان .
تعليق