الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1446 - 26 نوفمبر 2024
العربية

هل يطيع والده ويحلق اللحى في محله ؟

69965

تاريخ النشر : 11-04-2006

المشاهدات : 9352

السؤال

أنا أعمل في محل حلاقة ، وهذا المحل ملك لوالدي ، ولدي أخ منَّ الله عليه بالهداية ويعمل معي بالمحل وإنه الآن متزوج وإنه يرفض حلق اللحية للزبائن لأنه يرى أن هذا حرام شرعاً وأن المال الذي يأتي من حلق اللحية حرام , أنا أعزب أعيش مع والدي ، كنت أرفض حلق اللحية للزبائن أولاً ، لكن أبي ضغط عليَّ وأغلق المحل ، وليس لدي عمل آخر , إن أخي مصر على عدم حلق اللحية فلا يعاني ضغطاً من أبي لأنه في بيت آخر ، أنا مرتبط بتجهيز وأقساط فعدت لحلق اللحية وأنا أكرهها ليفتح أبي المحل ، فماذا أفعل ؟.

الجواب

الحمد لله.

قد سبق في جواب السؤالين ( 1190 ) و ( 8196 ) حرمة حلق اللحية ، وحرمة الإعانة على حلقها ، سواء كان بفتح محل لحلق اللحى أم بغير ذلك .

وطاعة الوالدين وبرهما واجبة ، إلا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة في معصية الله ) رواه البخاري (6830) ومسلم (1840) .

وعليه : فلا يجوز فتح محل لحلق اللحية ، ويمكنك الاكتفاء بحلق وتقصير الشعر وحف الشوارب دون التعرض للحى الناس ، وفي هذا جمع بين الأمرين : فتح المحل وعدم الوقوع في الحرام .

وليعلم والدك أن تحصيل الرزق يجب أن يكون وفق الشرع ، وأن الله تعالى يبارك في المال الحلال القليل ، ويمحق المال الحرام الكثير ، وأنت لستَ مضطراً شرعاً للوقوع في هذه المعصية ، وطاعة والدك ليست ملزمة لكَ لما فيها من الأمر بالمعصية .

فاستعن بالله تعالى ولا تستجب لما يدعوك إليه والدك ، وابحث عن عمل آخر ، أو ابق في محلك من غير أن تحلق اللحى ، وسيجعل لك مخرجاً ، ويرزقك من حيث لا تحتسب ، كما قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/2، 3 .

واقتد بأفعال خير القرون وهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، فما كانوا ليقدموا دنياهم على دينهم ، ولا نفع الدنيا على خير الآخرة ، وقد كانوا يسمعون الوحي ينهاهم عن الأمر الحبيب إلى نفوسهم فيسارعون إلى تركه ، وكانوا يسمعون الأمر الثقيل على نفوسهم فيسارعون إلى فعله ، وأهل المدينة كانوا أهل زرع ، وكان لهم نفع في بعض عقودهم ، فلما جاءهم النهي عن بعضها قال أحدهم : ( نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمرٍ كان لنا نافعاً وطواعية الله ورسوله أنفع لنا ) رواه البخاري ( 2214 ) ومسلم ( 1548 ) .

ولم يتردد الصحابة عندما حرمت الخمر عن الامتناع عن شربها والكأس في أيديهم ، ولم يؤخروا كسر الجرار بل سارعوا إلى ذلك ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كنتُ أسقي أبا طلحة الأنصاري وأبا عبيدة بن الجراح وأبيّ بن كعب شراباً من فضيخ - وهو تمر - فجاءهم آتٍ فقال : إن الخمر قد حرِّمت فقال أبو طلحة : يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها ، قال أنس : فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى انكسرت " رواه البخاري ( 6826 ) ومسلم ( 1980 ) .

وبمثل هذه الاستجابة سبق أولئك الكرام من جاء بعدهم ، والواجب على المسلم أن لا يتردد في ترك ما هو عليه من مخالفة للشرع ، وليعلم أن هذا مقتضى إيمانه الذي رضيه لنفسه ، قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا ) الأحزاب/36 .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب