الحمد لله.
أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويأجرك على ما أصابك .
ثانيا :
يشترط لوجوب الحج : الاستطاعة المالية والبدنية ؛ لقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 .
فمن كان مريضا لا يستطيع السفر إلى الحج ، أو لا يستطيع تأدية النسك ، أو يشق عليه ذلك مشقة شديدة ، فإنه لا يجب الحج عليه بنفسه .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : " ولا ينبغي أن يختلف في أن المرض القوي الذي يشق معه السفر مشقة فادحة ، مسقط لوجوب الحج " انتهى من "أضواء البيان".
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : رجل مريض بمرض الصرع منذ ثلاث عشرة سنة ويستعمل دواء يمنع بقدرة الله تعالى حدوث نوبة الصرع ، ولكن إذا تعب وأجهد حدث له الصرع فهل يجوز له أن يوكل أحدا يحج عنه ؟ أم يحج ويتحمل ؟
فأجاب : " إذا كان هذا لا يرجى أن يزول ، فليوكل من يحج ويعتمر عنه إن كان عنده مال . وإن لم يكن عنده مال فالحج غير واجب عليه . أما إذا كان يرجى زواله باستمرار الدواء فلينتظر حتى يشفيه الله ، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يشفيه ويعافيه ويرفع عنه ما يجد " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/167).
وما ذكره الشيخ رحمه الله من الإنابة في هذه المسألة هو قول جمهور العلماء ، قال ابن قدامة رحمه الله : " من وجدت فيه شرائط وجوب الحج , وكان عاجزا عنه لمانع مأيوس من زواله , كزمانة , أو مرض لا يرجى زواله , أو كان نضو الخلق ( أي : ضعيف وهزيل ) ، لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة ، والشيخ الفاني ، ومن كان مثله ، متى وجد من ينوب عنه في الحج ، ومالا يستنيبه به ، لزمه ذلك . وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي " انتهى من "المغني" (3/91).
والدليل في ذلك ما رواه البخاري (1513) ومسلم (1334) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ).
وبناء على ذلك : فإنه لا يلزمك الذهاب إلى الحج بنفسك الآن ، ثم إن كان مرضك هذا مما يرجى زواله حسب نظر الأطباء الثقات ، فلا شيء عليك حتى يشفيك الله وتجد مالا تحج به .
أما إن كان المرض لا يرجى زواله ، وكان لديك المال الكافي ، فإنه يجب أن تنيب من يحج عنك ، بشرط أن يكون قد حج عن نفسه أولا .
ثالثا :
طالما أن إخوتك قد سامحوك في هذا المبلغ الكبير الذي أخذته منهم ، فلا أثر له على حكم حجك ، والحمد لله .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
تعليق