الحمد لله.
أولاً :
اتفق العلماء على أن ستر الرأس محرم على الرجل في الإحرام ، وقد دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي مات بعرفة وهو محرم : ( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلا تُمِسُّوهُ طِيبًا وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ) . رواه البخاري (1267) ومسلم (1206) .
ومعنى : ( لا تخمروا رأسه ) أي : لا تغطوه .
وروى البخاري (1542) ومسلم (1177) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَلْبَسُ الْقُمُصَ ، وَلا الْعَمَائِمَ ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ ، وَلا الْبَرَانِسَ ، وَلا الْخِفَافَ) . والبرنس ثوب يلبسه أهل المغرب ، له رأس متصلة به.
ثانياً : تغطية المحرم رأسه على أقسام :
الأول : أن يغطيها بما يلاصق الرأس ، كالطاقية والعمامة وما أشبه ذلك فهذا حرام ، ودليل تحريمه الحديثان السابقان .
الثاني : أن يغطي رأسه بما لا يلاصقه كالشمسية والخيمة وسقف السيارة ونحو ذلك ، فلا بأس به ، لقول أم حصين رضي الله عنها : حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَرَأَيْتُهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَانْصَرَفَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَمَعَهُ بِلالٌ وَأُسَامَةُ أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الشَّمْسِ . رواه ومسلم (1298) .
قال النووي :
فِيهِ: جَوَاز تَظْلِيل الْمُحْرِم عَلَى رَأْسه بِثَوْبٍ وَغَيْره , وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب جَمَاهِير الْعُلَمَاء اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين : وهذا كالشمسية تماماً اهـ
وقال الشيخ ابن باز : لا حرج على المحرم أن يستعمل الشمسية اتقاءً للشمس ، كما يستظل في الخيمة وسقف السيارة اهـ فتاوى ابن باز (17/115) .
الثالث : حمل المتاع على الرأس ، فلا بأس به لأنه لا يقصد به الستر غالباً ، لكن إن قصد به الستر فهو حرام .
قال الشيخ ابن باز :
وأما حمل المتاع فليس من الغطاء المحرم كحمل الطعام ونحوه إذا لم يفعل ذلك حيلة ، لأن الله سبحانه وتعالى قد حرم على عباده التحيل لفعل ما حرم اهـ فتاوى ابن باز (17/115) .
والله أعلم
انظر : الشرح الممتع (7/141-143) مناسك الحج والعمرة (ص 52-53) للشيخ ابن عثيمين .
تعليق