الحمد لله.
هذه الخالة كانت تبرعت بهذه الأرض حال حياتها وصحتها ورشدها ، وحينئذ ، فلهذا التصرف حالان :
الأول : أن يكون غرضها أن التبرع ينفذ أثناء حياتها ، ودون توقيف على موتها ، وكان والدك قد قبل هذا التبرع ، وحاز الأرض حيازة حقيقية ؛ فهي هبة صحيحة لا شيء فيها من جهة الشرع ؛ لأن الإنسان له حرية التصرف في ماله ، ما لم يكن في ذلك إسراف أو تبذير ، أو إنفاق في أوجه غير مشروعة ، ولا يوجد ـ في هذه الحالة ـ شبهة الإضرار بالورثة ؛ لأن المال ينتزع من المنفق في حياته ، فما كان من ضرر فإنه سيعود عليه هو قبل غيره .
وفي هذه الحالة لا يجوز للورثة المطالبة بشيء مما تبرعت به المتوفاة ؛ لأنه صار ملكاً خاصاً للموهوب لهم .
الثاني : أن يكون هذا التبرع لوالدك موقوفاً على موت الخالة ؛ فهذا له حكم الوصية ؛ وحينئذ فإن هذه الوصية صحيحة في حق والدك ، لأنه ليس وارثا لخالته ، وإنما الوارث ابن عمها ، لكن لا يجوز أن يأخذ من هذه الوصية أكثر من ثلث التركة ؛ فإن كانت قطعة الأرض تعدل ثلث التركة ، أو أقل ، نفذت الوصية كاملة ، وإن كانت أكثر من ثلث التركة ، أخذ منها ما يعدل الثلث ، ورد الباقي على الوارث .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
والعطايا المعلقة بالموت كقوله " إذا مت فأعطوا فلاناً كذا ، أو أعتقوا فلاناً " ونحوه : فوصايا حكمها حكم غيرها من الوصايا .
" المغني " ( 6 / 158 ) .
ثانياً :
ينبغي التنبه إلى مسألة مهمة ، وهي أن في هذه التركة نصيبا لوالدك ؛ حيث ذكرتَ أن خالته وأختها قد أخذا من نصيبه في الميراث أرضاً ، فله في تركتها (1) قيراط ، لأنها شريكة هي وأختها في الغصب .
وعليه : فينبغي لابن عمها ـ إذا قدر أنه أخذ التركة كاملة ، ولم يحصل والدك على هذه الأرض التي كتبت له ـ أن يرجع الحق لوالدك ، وهو – هنا – ليس فقط الأرض التي انتزعت منه غصباً وسلباً ، بل وما نتج منها من مال أو أرض ، فتحسبون ما أنتجته الأرض من ثمار بيعت ، أو أجرة أخذت ، ويدفع ذلك كله لوالدك إما مالاً وإما ما يقابله من العقار من الأرض أو غيرها .
وتجد تفصيل هذا الأمر في جواب السؤال رقم : ( 10323 ) .
ومن الجواب على السؤال الأول ، يظهر الجواب عن السؤال الثاني ، فيجوز لك أن تأخذ نصيبك من هذه الأرض ، بعد وفاة أبيك ، إذا كان ما أخذه فعلا هو في حدود حقه الذي أشرنا إليه .
والله أعلم
تعليق