السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز أن يطلب من الشركة سكناً إذا كانت ستبنيه بقرض ربوي؟

81702

تاريخ النشر : 27-07-2007

المشاهدات : 5961

السؤال

هل يجوز طلب توفير مسكن من الشركة التي أعمل بها إذا علم أن الشركة ستقوم ببناء العمارات السكنية لموظفيها من خلال قرض من مصرف ربوي ، ثم تقوم بتثمينها وبيعها لموظفيها على أقساط تخصم من مرتباتهم ، وغالبا سيكون ثمن السكن باهظا بحيث يغطي كلفة البناء ومقدار القرض ومكسب إضافي للشركة ؟ وقد رأينا بعض إخواننا الملتزمين - نحسبهم كذلك - تقدموا بالطلب معتبرين أن هذا بمنزلة البيع والشراء .

الجواب

الحمد لله.


هناك مسألتان متعلقتان بموضوع الربا يجب التفريق بينهما :
المسألة الأولى :
التسبب في وقوع الربا : كأن يطلب أحدهم من آخر أن يستقرض له قرضاً ربويّاً ، أو يقوم بعضهم بكفالة من يتقدم للحصول على القرض الربوي من البنك ونحو ذلك مما يكون عوناً وسبباً للوقوع في هذه الكبيرة .
وهذه الصورة لا شك في حرمتها ؛ لأن المتسبب في وقوع الحرام له نصيب من الإثم ، وذلك لقوله سبحانه وتعالى : ( ولاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 .
وقد جاء التشديد في خصوص المعاونة والتسبب في الربا من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ) رواه مسلم ( 1598 ) .
قال النووي رحمه الله :
فيه تحريم الإعانة على الباطل .
" شرح مسلم " ( 11 / 26 ) .
ولما لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر ، لعن معها مَنْ أعان على شربها ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ ) رواه أبو داود ( 3674 ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
معتصرها : من يطلب عصرها لنفسه أو لغيره .
انظر : "تحفة الأحوذي" ( 4 / 430 ) .
وكذلك الحكم في كل من يطلب الربا لنفسه أو لغيره ويتسبب في وقوعه .
وقد سبق في موقعنا العديد من الإجابات التي فيها صور من تحريم الإعانة على أكل الربا ، انظر منها جواب السؤال رقم ( 33709 ) .
المسألة الثانية :
أن الربا من الكسب المحرم بوصفه وليس بذاته ، وما حرم لكسبه فإن إثمه على كاسبه فقط ، وليس على من تعامل مع كاسبه بالبيع والشراء أو الإهداء أو الضيافة إثم ، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود في المدينة بالبيع والشراء وكان يؤاكلهم ، وهم الذين وصفهم الله تعالى بأكل الربا وأخذهم أموال الناس بالباطل .
وقد سبق تقرير ذلك بالتفصيل في موقعنا في العديد من الإجابات ، انظر منها :
( 39661 ) و ( 85419 ) .
وبناء على ذلك ، فلا حرج من شراء المسكن من الشركة ، وإن كانت قد بنته بقرض ربوي ، لأن إثم ذلك يقع على من اتفق مع البنك على القرض الربوي أو أعان على ذلك أو رضي به، أما الموظف الذي سيشتري المسكن من الشركة فلا إثم عليه ، فهذا شبيه بتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود ، وهم أكلة الربا ، كما سبق .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب